الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٥٥
بدونها وإذا كان كل ولا للمعتق فلا ولا لغيره ولو مشاركا معه وإلا لزم أن لا يكون له بعض الولا وهو ما لغيره لامتناع قيام عرض واحد بموضوعين فينثلم الكلية فلئن قيل هذا تغاير بالإضافة لا تغاير بالوجود أجيب بأنه من قبيل ما يقال ملكية الدار لزيد فإنه ظاهر في الاستقلال وإن احتمل الشركة وذلك لما عرفت من أن ملكية غيره ملكية وليست له هذا ملخص كلامه وما أورده على الحديث الثاني مبني على حمل اللام في الولا على الاستغراق ولا يخفى بعده بل الصواب أن يجعل فيه للجنس كما هو الظاهر من المفرد المعرف عند عدم العهد ويوجه الايراد بأن الحصر مستفاد من اللام المفيدة للاختصاص فإن اختصاص جنس الولا بالمعتق يستلزم أن لا يكون ولا لغيره لا استقلالا ولا اشتراكا كما في قولك المال لزيد ومنها أن إن للاثبات وما للنفي ولا يجوز أن يكون تواردهما على الحكم المذكور للزوم التناقض ولا لنفي المذكور وإثبات ما عداه للاجماع على بطلانه فيتعين أن يكون للاثبات بالنسبة إلى المذكور والنفي بالنسبة إلى ما عداه وهو المقصود ورد بأن إن لا تدخل على الفعل و أنها تأتي لتأكيد النفي كما تأتي لتأكيد الاثبات وأن ما لا تنفي إلا ما دخلت عليه وأن إن لا تدخل عليها ومنها أنها متضمنة معنى ما و إلا لقول المفسرين معنى إنما حرم عليكم الميتة بالنصب ما حرم عليكم إلا الميتة ولقول النحاة إنما لاثبات ما بعدها ونفي ما عداه و لأنه يصح انفصال الضمير معها كقولك إنما يقوم أنا مع أن الانفصال لا يصح على ما صرح به النحاة إلا مع تعذر الاتصال و حصروا وجوه التعذر في صور كلها منتفية هنا سوى أن يقدر الفصل لغرض وهو أن المعنى لا يقوم إلا أنا احتج الخصم بأنه لا فرق بين إن زيدا قائم وبين إنما زيد قائم إلا في اشتمال الثاني على زيادة ما والزائد بمنزلة المعدوم والجواب المنع من ذلك بل إنما هي كلمة بحبالها موضوعة لإفادة القصر وأما أنما المفتوحة فقد توهم بعضهم أنها للقصر أيضا وهو ضعيف بل الحق أنها مركبة من أن وما الزائدة و ليس مفادها إلا التأكيد بشهادة التبادر وقد نص عليه بعض المحققين وأما مفهوم الحصر والمراد به القصر المستفاد من تأخير الموصوف عن الوصف حملا له على الوصف نحو صديقي زيد والعالم عمرو حيث لا عهد وقد يطلق مفهوم الحصر على ما يعم الأقسام المذكورة وغيرها فقد اختلفوا في إثباته ونفيه و ربما يظهر من تمثيلهم بما ذكر اختصاص البحث بالوصف المحلى باللام والمعرف بالإضافة ومنهم من عمم البحث في تقديم كل ما حقه التأخير والحق أن حمل الوصف المحلى أو الحمل عليه ظاهر في التخصيص مطلقا وأما ما سواه فلا ظهور له فيه على الاطلاق بل يختلف باختلاف الموارد والمقامات لنا على المقام الأول وجوه منها التبادر فإن المفهوم من قول القائل زيد الصديق أو الصديق زيد عند عدم العهد قصر وصف الصداقة على زيد ولا ريب في صحة التعويل على مثل هذا الظهور ومنها ما زعمه العلامة التفتازاني في المسند المعرف ومحصله أن اللام إن حملت حينئذ على الاستغراق فوجه الحصر ظاهر لأنه حينئذ بمنزلة قولنا كل صديق زيد على طريقة أنت الرجل كل الرجل وإن حملت على الجنس كان مفاد الحمل حينئذ اتحاد زيد مع جنس الصديق في الخارج لامتناع حمل أحد المتمايزين في الخارج على الاخر فيلزم أن لا يصدق جنس الصديق إلا حيث يصدق زيد وهو المقصود ثم أورد عليه سؤالا حاصله أن ما ذكر جار في اسم الجنس المنكر المحمول أيضا ولا يفيد القصر وأجاب عنه بأن المحمول حينئذ ليس نفس الجنس بل فرد من أفراده ثم تنظر فيه بأن المحمول على ما هو طريقة الحمل نفس المفهوم دون الفرد فلا يتم الفرق وكلامه هنا [هذا] جيد وبه يظهر فساد تعليله بناء على الوجه الثاني فالنقض وارد والحل مشترك وهو أن الحمل و الصدق إنما يستدعيان الاتحاد في الوجود لا في المفهوم كيف و قضيتهما التغاير فيه ولو بحسب الاعتبار وأما الوجه الأول فقد وافقه المحقق الشريف عليه وتبعهما فيه بعض المعاصرين ولم نظفر من غيرهم بكلام فيه ونحن نقول حمل اللام في المثال المذكور على استغراق الافراد مما لا يساعد عليه الذوق لبعده عن ظاهر المقام و الاستعمال إذ ليس المفهوم منه أن كل صديق زيد كما زعموه و كذلك ليس اللام ولا لفظ كل في قولهم أنت الرجل كل الرجل لاستغراق الافراد إذ ليس المعنى زيد كل فرد من أفراد الرجل لظهور ما فيه من الاستبشاع مع عدم مساعدة صوغ الكلام عليه إذ لو أريد ذلك لكان اللازم تنكير الرجل بل التحقيق أن لفظة كل فيه بمعنى التمام وهي التي يؤتى بها لاستغراق الابعاض حيث يشتمل مدخولها عليها وذلك لأنه قد أخذت حقيقة الرجل فيه مقيدة باعتبار الخارج فاعتبرت من حيث تمام تحققها و تحصلها فيه بقرينة الإشارة إليها باللام فإن الإشارة يستدعي تعين المشار إليه ولا تعين للماهية الخارجية عند عدم العهد إلا بهذا الاعتبار وعلى هذا فقولك أنت الرجل يدل على أن مخاطبك قد استكمل هذه الحقيقة الخارجية وحاز تمامها ويلزم منه القصر نظرا إلى أنه إذا أحاز الكل لم يبق لغيره حظ منها وإلا لم يكن حائزا للكل بل للبعض وإردافه بكل الرجل تأكيد لهذا المعنى وتصريح به وعلى هذا القياس قولنا زيد الصديق بدليل صحة تأكيده بكل الصديق من غير حصول مخالفة في المعنى إلا في الوضوح وهذا وجه ثالث تحقيقي وبه يظهر سر التبادر المدعى في الوجه الأول ومنها أن المقصود بالحمل عند تعريف المحمول باللام لو كان مجرد الاتحاد في الوجود لضاع تعريف المحمول لان هذا المعنى مما يفيده المحمول المنكر أيضا فلا بد أن يكون المقصود به الاتحاد في الحقيقة أو المفهوم ولو ادعاء وبالجملة فتعريف المحمول قرينة على أن المقصود به الحمل الذاتي أعني حمل هو هو دون الحمل المتعارف و يلزم منه القصر فإن الشئ لا يتجاوز عن نفسه مع الدلالة على أن الموضوع ليس له حقيقة سوى حقيقة المحمول فيكون فيه من المبالغة ما لا يخفى ومنها أن المعرف إذا وقع محكوما عليه ولم ينحصر في المحكوم به لزم الاخبار بالخاص عن العام والتالي باطل أما الملازمة فظاهرة إذ التقدير عدم اختصاص الوصف المحكوم به به و أما بطلان التالي فلان ما يثبت للشئ يثبت الجميع
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»