الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٥١
في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه قال فلو سكت لم يبق أحد إلا بتعجل لكنه قال ومن تأخر فلا إثم عليه وقد يستدل برواية حسن بن ديان قال سألته عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجت بالمتعة أ تحل لزوجها الأول قال لا يحل له حتى تنكح زوجا غيره لأنه تعالى يقول فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله والمتعة ليس فيها طلاق ولا دلالة فيها على اعتبار المفهوم لجواز أن يكون المقصود أن ذكر الطلاق عقيب النكاح مسندا إلى الزوج قرينة واضحة على أن النكاح المحلل هو الدوام دون المتعة وبما في صحيحة جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له رجل جعلت فداك أن الله تعالى قال ادعوني أستجب لكم وإنا ندعو فلا يستجاب لنا فقال إنكم لا توفون بعهده فإنه تعالى يقول أوفوا بعهدي أوف بعهدكم والله لو وفيتم لله سبحانه لوفي لكم ولا دلالة فيها على ذلك أيضا فإن المستفاد منها أن ما وعد الله به عباده من إجابة دعائهم مقيد بصورة وفائهم بعهده فلا وعد بالإجابة على تقدير عدم الوفاء به وهذا المعنى يستفاد من ضم أحد المنطوقين إلى الاخر من غير حاجة إلى اعتبار المفهوم وقد يستدل أيضا بروايات أخر مما لا دلالة لها على ذلك تركنا التعرض لها مخافة الاطناب واحتج من أثبت الدلالة المذكورة بطريق التضمن أنه لا ملازمة عقلا ولا عرفا بين ثبوت شئ عند ثبوت شئ آخر كما هو مفاد المنطوق وبين انتفائه عند انتفائه كما هو مفاد المفهوم وقد ثبت بالتبادر وغيره دلالة الشرط على كل من الامرين فيتعين أن يكون موضوعا للدلالة عليهما فيكون دلالته على كل منهما بالتضمن و الجواب أن مفاد الشرط في المنطوق ليس مجرد ثبوت شئ عند ثبوت شئ آخر بل تعليق ثبوت شئ على ثبوت شئ آخر فيستلزم الانتفاء عند الانتفاء عقلا وعرفا مع أن التعليق بالشرط لو دل على نفي الحكم عند انتفاء الشرط بالتضمن لكان دلالته عليه بالمنطوق لا بالمفهوم وهو مجمع على فساده ولجاز إلغاء المنطوق واعتبار المفهوم خاصة عند قيام القرينة كما يجوز العكس لتساوي نسبة الجزئية إليهما وبطلانه واضح حجة المخالف أمران الأول أن أدوات الشرط إنما يقتضي شرطية الشرط ولا يلزم من انتفائه المشروط لجواز قيام شرط آخر مقامه الثاني لو كان انتفاء الشرط مقتضيا لانتفاء ما علق عليه لكان قوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا مقتضيا لعدم تحريم الاكراه على تقدير عدم إرادتهن التحصين وإنه باطل بالاتفاق وأجيب عن الأول بأنه إن علم وجود ما يقوم مقامه لم يكن ذلك الشرط وحده شرطا بل الشرط حينئذ مفهوم أحدهما و هو لا ينتفى إلا بانتفائهما وإن لم يعلم له بدل كما هو مفروض البحث اختص الحكم به ولزم من عدمه عدمه وفيه نظر لان الشرط على تقدير العلم بما يقوم مقامه هو ما صدق عليه مفهوم أحدهما لا نفس هذا المفهوم ضرورة أن شرط الصلاة مثلا فعل الوضوء أو الغسل و شرط قبول شهادة العدل انضمام شهادة عدل آخر أو امرأتين أو يمين إليه إلى غير ذلك دون مفهوم أحدهما أعني هذا المعنى الاعتباري الذي هو من المعقولات الثانية وقد مر في بحث الواجب المخير ما ينبه على ذلك بل الجواب ما أشرنا إليه سابقا من أن المتبادر من اعتبار شئ شرطا عند الاطلاق أن يكون شرطا على التعيين وهذا الظهور لا يختص بالمقام أ لا ترى أن المتبادر من قولك هذا واجب أو مندوب أنه كذلك على التعيين مع أن الكل حقيقة في البدل أيضا على ما هو التحقيق هذا إذا أريد المنع من إطلاق المفهوم وإن أريد المنع منه مطلقا فالجواب عنه واضح إذ لا خفاء في أن زوال الشرط يستلزم زوال المشروط في الجملة وعن الثاني بوجوه مرجعها إلى وجهين الأول أن قضية الشرط عدم تحريم الاكراه على تقدير عدم إرادتهن التحصن وهو لا يستلزم الإباحة لانتفاء الموضوع الذي هو محل الحلم لأنهن إذا لم يردن التحصن وهو التعفف فقد أردن البغاء وعلى تقدير إرادتهن له يمتنع إكراههن عليه لا يقال لا نسلم الملازمة لجواز أن يغفلن فلا يردن شيئا منهما لأنا نقول الاكراه يستلزم التنبيه المستلزم لاحد الامرين الثاني أن المقصود ظهور التعليق بالشرط في انتفاء الحكم عند انتفائه وذلك لا ينافي قيام قرينة على عدم إرادته كما في المقام حيث قام الاجماع فيه على تحريم الاكراه مطلقا وأما النكتة في التعبير عنه بلفظ التعليق فلعلها الحث على الانتهاء على الاكراه يعني أنهن إذا أردن العفة مع قصورهن فالموالي أحق بإرادتها أو أن الآية نزلت فيمن أكره فتياته على البغاء وهن يردن التحصن أو نحو ذلك فصل لا كلام في أن تقييد الحكم بالوصف إنما يقتضي ثبوت الحكم في محل الوصف دون غيره في غير مقام الأولوية حتى إنه يصح أن يتمسك في نفيه عنه بالأصل إن كان مخالفا له وإنما الكلام في أنه هل يقتضي انتفاءه عند انتفائه وهو المعبر عنه بمفهوم الوصف أو لا فأثبته جماعة وعزي ذلك إلى ظاهر الشيخ وحكي عن الشهيد أنه جنح إليه في الذكرى ونفاه جماعة وهو المنقول عن السيد والمحقق والعلامة و فصل شاذ من أهل الخلاف فأثبته في صور ثلاث هي ما إذا كان ذكر الوصف للبيان أو التعليم أو كان ما ليس له الصفة داخلا فيما له الصفة كما لو قال احكم بشاهدين والشاهد الواحد داخل فيه فيدل على عدم الحكم به ونفاه فيما عداها وهو مع شذوذه ضعيف لا ينبغي أن يلتفت إليه ولنحرر أولا محل البحث فنقول الظاهر من كلمات القوم اختصاص النزاع في المقام بالوصف الصريح لكن بعض المعاصرين أدرج فيه غير الصريح وكأنه ينظر إلى ما حكي عن أبي عبيدة في حديث امتلأ البطن بالشعر كما يظهر من تمثيله وهو لا يقتضي مطلوبه ثم الظاهر أنه لا فارق في المقام بين أن يكون الموصوف مذكورا كقولك أكرم الرجل العالم أو لا كقولك أكرم العالم كما يرشد إليه احتجاجهم بمقالة أبي عبيدة وإن كان ظاهر احتجاجهم بلزوم العراء عن الفائدة إنما يساعد على الأول وقد اقتصر بعضهم في تحرير محل النزاع عليه نعم يعتبر أن يكون الوصف أخص من الموصوف وجودا ولو من وجه إذ لو ساواه لم يبق مورد للمفهوم وكذا إذا كان أعم على ما يظهر من أمثلتهم على إشكال فيه وفي سابقه لاحتمال أن لا يساعد عليه بعض القائلين بالثبوت فيلتزم في مثل قولك أشتهي العسل الحلو أنه يدل بمفهومه على عدم اشتهاه الرمان الحامض كما قال بعضهم إن قولنا في الغنم السائمة زكاة يدل على عدم الزكاة في معلوفه غير الغنم أيضا إذا تقرر هذا فالحق عندي أن التقييد بالوصف
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»