والصحيح أن الحكم إذا علق بغاية أو عدد، فإنه لا يدل بنفسه على أن ما عداه بخلافه، لأنا إنما نعلم أن ما زاد على الثمانين في حد القاذف لا يجوز، لان نفي ما زاد على ذلك محظور بالعقل، فإذا وردت العبادة بعدد مخصوص خرجنا عن الحظر بدلالة، وبقينا فيما زاد على ذلك العدد على حكم الأصل، وهو الحظر وكذلك إذا قال الرجل لغلامه: (اعط زيدا مائة درهم) فإنا نعلم حظر الزائد على المذكور بالأصل. ولو قال: (أعطيت فلانا مائة درهم)، لم يدل لفظا ولا عقلا على أنه لم يعطه أكثر من ذلك. فأما تعليق الحكم بغاية فإنما يدل على ثبوته إلى تلك الغاية، وما بعدها يعلم انتفاؤه أو إثباته بدليل. وإنما علمنا في قوله - تعالى -:
(وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود)، وقوله - تعالى -: (ثم أتموا الصيام إلى الليل)، وقوله - سبحانه: (حتى يطهرن) أن ما بعد الغاية بخلافها بدليل،