وليس لاحد أن يلزم - على ذلك - جواز استثناء الكل، لان ذلك يخرجه من كونه استثناء، لان من حقه أن يخرج بعض ما تناوله الكلام.
وتعلق المخالف بأنه لم يجد أهل اللغة استثنوا الأكثر، غير صحيح، لأنه ليس كل شئ لم يجدهم فعلوه لا يجوز فعله، ألا ترى أنا ما وجدناهم يستثنون النصف وما قاربه، وإن كان جائزا بلا خلاف، وليس كل شئ هو الأحسن لا يجوز خلافه، لان الأحسن عندهم تقديم الفاعل على المفعول، ثم لم يمنع ذلك من خلافه.
فإن قيل: أفيدل دخول الاستثناء على الجملة على عموم اللفظ بعدما أخرجه.
قلنا: قد ذهب قوم إلى ذلك، والصحيح أنه يبقى على ما كان عليه من الاحتمال، وإنما تأثير الاستثناء إخراج ما تناوله، يوضح ذلك أن القائل إذا قال: (ضربت غلماني إلا زيدا) يجوز له أن يقيم لنا أيضا دليلا على أنه ما ضرب أيضا عمروا، فالاحتمال باق.