فصل في هل الامر بالشئ أمر بما لا يتم إلا به اعلم أن كل من تكلم في هذا الباب أطلق القول بأن الامر بالشئ هو بعينه أمر * بما لا يتم ذلك الشئ إلا به، والصحيح أن يقسم ذلك، فنقول: إن كان الذي لا يتم ذلك الشئ إلا به سببا، فالامر بالمسبب يجب أن يكون أمرا به، وإن كان غير سبب، و إنما هو مقدمة للفعل وشرط فيه، لم يجب أن يعقل من مجرد الامر أنه أمر به.
والذي يدل على صحة ما ذكرناه أن ظاهر الامر يقتضي ما تناوله لفظه، وليس يجوز أن يفهم منه وجوب غيره مما لم يتناوله اللفظ إلا بدليل غير الظاهر، لأنه إذا قال صل فالامر يتناول الصلاة، و الوضوء الذي ليس بصلاة إنما نعلم وجوبه بدليل غير الظاهر.
ومما يوضح ذلك أن الامر في الشريعة قد ورد على ضربين: أحدهما يقتضي إيجاب الفعل دون إيجاب مقدماته، نحو الزكاة والحج، فإنه لا يجب علينا أن نكتسب المال لتحصيل النصاب، أو لنتمكن