فصل في أن ما يفعل بحكم الامر هو مرة واحدة وما زاد عليها يحتاج في إثباته إلى دليل اعلم أن الامر إذا ورد موقتا بوقت معين، ولم يفعل فيه، احتيج في وجوبه مستقبلا إلى دليل آخر. وذهب قوم إلى أن الامر يقتضي الفعل عقيبه، فإن لم يفعل اقتضى فعله من بعد، وعلى ذلك أبدا حتى يفعل.
والدليل على صحة ما اخترناه أن الامر متناول بلفظه الوقت الأول، سواء أطاع المأمور، أو عصى، وإذا كان لو أطاع لم يتناول سواه، فكذلك إذا عصى، لان الطاعة أو المعصية لا تغير متعلق الامر.
وأيضا فإن إيجاب الفعل في وقت مخصوص كإيجابه على صفة مخصوصة فكما أنه لا يتناول ما ليس له تلك الصفة، فكذلك لا يتناول ما هو في غير ذلك الوقت. ومما يؤكد ما ذكرناه أن تغاير الوقتين