قلتم أن النهي إذا منع من الفعل، وجب أن يكون مانعا من أحكامه، وهل الخلاف إلا في ذلك، ثم الفرق بين الامرين أنه إنما منع من الفعل للتعلق بينه وبين الفعل، لان الحكيم إذا نهى عن شئ فقد كرهه، وهو لا يكره إلا القبيح، والقبيح ممنوع منه، وأحكام الفعل غير متعلقة بمعنى النهي ولا لفظه، فلا يجوز أن يكون النهي مانعا منها.
ويقال لهم فيما تعلقوا به ثالثا: إن أردتم بأن النهي ينفي كونه شرعيا أنه ينفي كونه مرادا وطاعة قربة، فذلك صحيح. وإن أردتم نفي الأحكام الشرعية، فهو مسلم، وإذا كان الاجزاء والفساد لا يعلمان إلا شرعا، فيجب ألا يستفاد أحدهما من مطلق الامر.
فإذا قال: إجزاؤه لا يعلم إلا شرعا، ولا شرع فيه، فيجب أن يكون فاسدا.
قلنا: وفساده لا يعلم إلا شرعا، ولا شرع فيه، فيجب أن يكون صحيحا، والصواب غير ذلك، وهو التوقف عن الحكم بصحة أو فساد على الدليل المنفصل.