ومما يدل أيضا على ما ذكرناه أن النهي لو اقتضى فساد الفعل المنهي عنه لشئ يرجع إليه، لما صح في النهي إذا تناول ما ليس بفاسد في الشرع بل كان صحيحا مجزيا ان يكون نهيا على الحقيقة، والاجماع بخلافه، لأنهم وإن اختلفوا في كثير من الأمثلة التي تذكر في هذا الباب، فلم يختلفوا في أن المكلف وقد ضاق عليه وقت الصلاة في آخر وقتها أنه منهي عن البيع والشراء، ومع ذلك فبيعه صحيح، ونكاحه كذلك، ولم يختلفوا في أنه منهي عن إزالة النجاسة بالماء المغصوب، لأنه تصرف فيما لا يملكه، ومع ذلك فإن حكم النجاسة يزول كما يزول بالماء المملوك، والوطئ في الحيض يتعلق به أحكام الصحة كما يتعلق بالوطي المباح، من لحوق الولد، ووجوب المهر، والتحليل للزوج الأول، فلولا أن النهي لا يقتضي من حيث كان نهيا للفساد، لما صح شئ مما ذكرناه.
ومما أيضا يدل على ذلك أن لفظ النهي قد يرد فيما هو صحيح،