وقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من جعل النهي دالا على الفساد كدلالته على التحريم من جهة اللغة، ومنهم من جعله دالا على الفساد من جهة أدلة الشرع، ومنهم من لم يجعله دالا على الفساد، وقال: لا يمتنع مع النهي كون المنهي عنه مجزيا، كما لا يمتنع كونه غير مجز، ونقف على الدليل.
والذي نذهب إليه أن النهي من حيث اللغة وعرف أهلها لا يقتضي فسادا ولا صحة، وإنما نعلم في متعلقه الفساد بدليل منفصل، فأما من ذهب إلى أن أدلة الشرع دلت على تعلق الفساد بالمنهي عنه، فإن أراد بدليل الشرع ما ذكرناه فيما تقدم من هذا الكتاب من أن الصحابة ومن يليهم قضوا بفساد المنهيات من غير توقف على دليل، فذلك صحيح، وقد أوضحناه، وإن أشار بدليل الشرع إلى غير ذلك، فنحن نتكلم عليه.
والذي يدل على صحة مذهبنا أن النهى لا تعلق للفظه ولا لمعناه بشئ من الاحكام التي نشير بقولنا في الفعل (إنه مجز) إلى