مثلا ذو خلق عظيم لبيان قوة التمكن والاستعلاء، وأنه صلى الله عليه وسلم فوق كل خلق عظيم متمكن منه مستعل عليه.
وقد أجمل الخلق العظيم هنا وهو من أعم ما امتدح الله به رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه، وقد أرشدت عائشة رضي الله عنها إلى ما بين هذا الإجمال حينما سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم الذي امتدح به فقالت (كان خلقه القرآن)، تعني والله تعالى أعلم: أنه صلى الله عليه وسلم يأتمر بأمره وينتهي بنواهيه، كما في قوله تعالى * (ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) *.
وكما في قوله تعالى: * (إن هاذا القرءان يهدى للتى هى أقوم) *.
وكما قال صلى الله عليه وسلم (لن يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)، فكان هو صلى الله عليه وسلم ممتثلا لتعاليم القرآن في سيرته كلها، وقد أمرنا بالتأسي به صلوات الله وسلامه عليه، فكان من أهم ما يجب على الأمة معرفة تفصيل هذا الإجمال ليتم التأسي المطلوب.
وقد أخذت قضية الأخلاق عامة، وأخلاقه صلى الله عليه وسلم خاصة. محل الصدارة من مباحث الباحثين وتقرير المرشدين، فهي بالنسبة للعموم أساس قوام الأمم، وعامل الحفاظ على بقائها، كما قيل: خاصة. محل الصدارة من مباحث الباحثين وتقرير المرشدين، فهي بالنسبة للعموم أساس قوام الأمم، وعامل الحفاظ على بقائها، كما قيل:
* إنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا * في قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وقد عنى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله تعالى عليهم بقضية أخلاقه بعد نزول هذه الآية، فسألوا عائشة رضي الله عنها عن ذلك فقالت: (كان خلقه القرآن) وعني بها العلماء بالتأليف، كالشمائل للترمذي.
أما أقوال المفسرين في الخلق العظيم المعنى هنا فهي على قولين لا تعارض بينهما.
منها: أنه الدين، قاله ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم.
والآخر قول عائشة: (كان خلقه القرآن) والقرآن والدين مرتبطان. ولكن لم يزل الإجمال موجودا. وإذا رجعنا إلى بعض الآيات في القرآن نجد بعض البيان لما كان