فقال له حذيفة: أنا أنبئك بها، وقد عرفت بم كرهها، نزلت في رجل من أهل بيته يقال له: عبد الإله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق تنبني عليه مدينتان فشق النهر بينهما شقا، فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدنهم، بعث الله على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت، فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم، ثم يخسف الله بها وبهم جميعا، فذلك قوله: * (حم * عسق) * يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء.
* (حم عسق) * يعني عدلا منه * (سين) * يعني سيكون * (ق) * يعني واقع بهاتين المدينتين ا ه.
ومع استغراب ابن كثير إياه واستنكاره له، فقد وقع مثل ما يشير إليه الحديث على ثورة العراق على عبد الإله في بغداد، حيث يشقها النهر شقين، وأنه من آل البيت، وقد وقع بها ما جاء وصفه في الأثر المذكور. قوله تعالى: * (مآ أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لاجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم) *. تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان الرد على مقالتهم تلك عند قوله تعالى: * (أم يقولون به جنة بل جآءهم بالحق) * من سورة المؤمنون.
وساق النصوص، وقال: إن في الآية ما يرد عليهم، وهو قوله تعالى: * (بل جآءهم بالحق) * ا ه.
وهكذا هنا في الآية ما يدل على بطلان دعواهم، ويرد عليهم، وهو قوله تعالى: * (وإن لك لاجرا غير ممنون) * أي على ما جئت به من الحق وقمت به من البلاغ عن الله والصبر عليه، كما رد عليهم بقوله: * (وما صاحبكم بمجنون) *.
وكذلك قوله تعالى في حق رسوله الكريم الأعظم * (وإنك لعلى خلق عظيم) * لأن المجنون سفيه لا يعني ما يقول ولا يحسن أي تصرف. والخلق العظيم أرقى منازل الكمال في عظماء الرجال.