أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٤٥
((سورة القلم)) * (ن والقلم وما يسطرون * مآ أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لاجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون * إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) * قوله تعالى: * (ن) *. تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور عند الكلام على أول سورة هود: وذكر الأقوال كلها، وهي خمسة أقوال.
فقيل: إنها مما استأثر الله بعلمه أو أنها من أسماء الله، أو مركبة من عدة حروف كل حرف من اسم، أو أسماء للسور، أو أنها للأعجاز، وبين رحمه الله وجه كل قول منها، ورجح الأخير، وأنها للإعجاز بدليل أنه يأتي بعدها دائما الانتصار للقرآن، وقد بسط البحث بما يكفي ويشفي.
وقال ابن كثير بأقوال أخرى، منها أن * (ن) * بمعنى الدواة أي بمناسبة ذكر القلم، وعزاه إلى الحسن وقتادة، وقال إن فيه حديثا مرفوعا، ولكن غريب جدا، وهو عن ابن عباس: إن الله خلق النون وهي الدواة، وخلق القلم، فقال: أكتب الحديث.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خلق الله النون وهي الدواة).
وذكر ابن جرير كل هذه الأوجه وزاد أوجها أخرى: منها أنها افتتاحيات لأوائل السور تسترعي انتباه المستمعين، ثم يتلى عليهم ما بعدها. وقيل: هي من حساب الجمل وغير ذلك.
وقد ذكر ابن جرير عند أول سورة الشورى: * (حم * عسق) * أثرا نقله عنه ابن كثير واستغربه واستنكره، ولكن وقع ما يقرب من مصداقه ومطابقته مطابقة تامة.
ونصه من ابن جرير قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له وعنده حذيفة بن اليمان: أخبرني عن تفسير قول الله: * (حم * عسق) *، قال فأطرق ثم أعرض عنه، ثم كرر مقالته فأعرض فلم يجبه بشيء، وكره مقالته، ثم كررها الثالثة فلم يجبه شيئا.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»