أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٧
وقد تقدم قوله تعالى: * (قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله) *.
وقوله تعالى: * (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه) *.
وتقدم في سورة التحريم قبل هذه السورة مباشرة قوله تعالى: * (وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه) *، ففيه بيان عملي مشاهد بأنه تعالى يعلم السر وأخفى، ولذا قال تعالى هنا * (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) *.
كما قال في سورة التحريم: * (قالت من أنبأك هاذا قال نبأنى العليم الخبير) *.
وقال القرطبي نقلا عن أبي إسحاق الإسفرائيني: من أسماء صفات الذات ما هو للعلم منها العليم، ومعناه تفهيم جميع المعلومات، ومنها الخبير، ويختص بأن يعلم ما يكون قبل أن يكون، ومنها الحكيم ويختص بأنه يعلم دقائق الأوصاف، ومنها الشهيد ويختص بأن يعلم الغائب والحاضر، ومعناه ألا يغيب عنه شيء. ومنها الحافظ ويختص بأنه لا ينسى، ومنها المحصي ويختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم مثل ضوء النهار واشتداد الريح وتساقط الأوراق، فيعلم عند ذلك أجزاء الحركات في كل ورقة، وكيف لا يعلم وهو الذي يخلق وقد قال: * (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) *، ومن في قوله تعالى: * (ألا يعلم من خلق) * أجازوا فيها أن تكون فاعل يعلم، وهو الله تعالى، أي إن الذي خلق يعلم ما خلق ومنه ما في الصدور.
وأجازوا أن تكون مفعولا والفاعل ضمير مستتر في الفعل يعلم، ذكرهما القرطبي وأبو حيان، وهو واضح ومحتمل.
ولكن الذي نشهد له النصوص أنها مفعول كما في قوله: * (إنه بكل شىء عليم) *، * (يعلم خآئنة الا عين وما تخفى الصدور) *.
وقوله: * (والله خلقكم وما تعملون) *، ومن أعمالهم ما يسرون، وما يجهرون. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (هو الذى جعل لكم الا رض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»