أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٥٩
الآتي:
أما فرعون فقد كان يقول: * (أليس لى ملك مصر وهاذه الا نهار تجرى من تحتى) *، فلما كان يتطاول بها جعل الله هلاكه فيها أي في جنسها.
وأما قوم نوح فلما يئس منهم بعد ألف سنة إلا خمسين عاما، وأصبحوا لا يلدوا إلا فاجرا كفارا، فلزم تطهير الأرض منهم، ولا يصلح لذلك إلا الطوفان.
وأما ثمود فأخذوا بالصيحة الطاغية، لأنهم نادوا صاحبهم فتعاطى فعقر، فلما كان نداؤهم صاحبهم سببا في عقر الناقة كان هلاكهم بالصيحة الطاغية.
وأما عاد فلطغيانهم بقوتهم، كما قال تعالى فيهم: * (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد) *، وسواء عماد بيوتهم وقصورهم، فهو كناية عن طول أجسامهم ووفرة أموالهم وتوافر القوة عندهم، فأخذوا بالريح وهو أرق وألطف ما يكون، مما لم يكونوا يتوقعون منه أية مضرة ولا شدة.
وكذلك جيش أبرهة لما جاء مدل بعدده وعدته، وجاء معه بالفيل أقوى الحيوانات، سلط الله عليه أضعف المخلوقات والطيور * (وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل) *.
أما قوم لوط فلكونهم قلبوا الأوضاع بإتيان الذكور دون الإناث، فكان الجزاء من جنس العمل، قلب الله عليهم قراهم. والعلم عند الله تعالى.
ولا شك أن في ذلك كله تخويف لقريش. قوله تعالى: * (وحملت الا رض والجبال فدكتا دكة واحدة) *. تقدم بيانه للشيخ رحمه الله في سورة الكهف عند قوله تعالى: * (ويوم نسير الجبال) *. قوله تعالى: * (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) *. تقدم بيانه للشيخ رحمة الله عند قوله تعالى: * (ووجدوا ما عملوا حاضرا) *.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»