وصرح في (الكهف) بأنه لا يترك منهم أحدا، بقوله: * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) *.
قوله تعالى: * (هنالك تبلوا كل نفس مآ أسلفت) *:
صرح في هذه الآية الكريمة، بأن كل نفس يوم القيامة تبلو، أي تخبر وتعلم ما أسلفت، أي قدمت من خير وشر، وبين هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله: * (ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر) * وقوله: * (يوم تبلى السرآئر) * وقوله: * (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) * وقوله: * (ويقولون ياويلتنا ما لهاذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا) *:
وأما على قراءة تتلو بتاءين ففي معنى الآية وجهان:
أحدهما: أنها تتلو بمعنى تقرأ في كتاب أعمالها جميع ما قدمت، فيرجع إلى الأولى.
والثاني: أن كل أمة تتبع عملها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لتتبع كل أمة ما كانت تعبده فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس) الحديث.
قوله تعالى: * (قل من يرزقكم من السمآء والا رض أمن يملك السمع والا بصار ومن يخرج الحى من الميت) * إلى قوله: * (فقل أفلا تتقون) *.
صرح الله تعالى في هذه الآية الكريمة، بأن الكفار يقرون بأنه جل وعلا، هو ربهم الرزاق المدبر للأمور المتصرف في ملكه بما يشاء، وهو صريح في اعترافهم بربوبيته، ومع هذا أشركوا به جل وعلا.
والآيات الدالة على أن المشركين مقرون بربوبيته جل وعلا. ولم ينفعهم ذلك لإشراكهم معه غيره في حقوقه جل وعلا كثيرة، كقوله: * (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) * وقوله: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والا رض ليقولن خلقهن العزيز العليم) * وقوله: * (قل لمن الا رض ومن فيهآ إن كنتم تعلمون) * * (سيقولون لله) * إلى قوله: * (فأنى تسحرون) * إلى غير ذلك من الآيات، ولذا قال تعالى: * (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) *.
والآيات المذكورة صريحة في أن الاعتراف بربوبيته جل وعلا، لا يكفي في الدخول في دين الإسلام إلا بتحقيق معنى لا إله إلا الله نفيا وإثباتا، وقد أوضحناه في سورة