شيوخ بقية المجهولين، قاله في (التقريب) واحتج لوجوب الزكاة في المعدن بما رواه مالك في (الموطأ) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع. فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة. وقال ابن حجر، في (التلخيص): ورواه أبو داود، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، موصولا، ليست فيه زيادة، وهي من ناحية الفرع. الخ. وقال الشافعي: بعد أن روى حديث مالك ليس هذا ما يثبته أهل الحديث ولم يثبتوه ولم يكن فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إقطاعه، وأما الزكاة دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال البيهقي: وهو كما قال الشافعي في رواية مالك، وقد روي عن الداروردي، عن ربيعة، موصولا، ثم أخرجه عن الحاكم، والحاكم أخرجه في (المستدرك) وكذا ذكره أبو عبد البر، من رواية الدراوردي، قال: ورواه أبو سبرة المديني، عن مطرف، عن مالك، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن ابن عباس قلت: أخرجه أبو داود، من الوجهين. اه.
قال مقيده عفا الله عنه الاستدلال بهذه الزيادة على الحديث المرفوع التي ذكرها مالك في (الموطأ) فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم من نوع الاستدلال بالاستصحاب المقلوب، وهو حجة عند جماعة من العلماء من المالكية، والشافعية.
والاستصحاب المقلوب: هو الاستدلال بثبوت الأمر في الزمن الحاضر، على ثبوته في الزمن الماضي، لعدم ما يصلح للتغيير من الأول إلى الثاني.
قال صاحب (جمع الجوامع): أما ثبوته في الأول لثبوته في الثاني فمقلوب. وقد يقال فيه لو لم يكن الثابت اليوم، ثابتا أمس لكان غير ثابت فيقتضي استصحاب أمس أنه الآن غير ثابت، وليس كذلك، فدل على أنه ثابت.
وقال: في (نشر البنود) وقد يقال في الاستصحاب المقلوب ليظهر الاستدلال به، لو لم يكن الثابت اليوم ثابتا أمس، لكان غير ثابت أمس، إذ لا واسطة بين الثبوت وعدمه، فيقتضي استصحاب أمس الخالي عن الثبوت فيه، أنه الآن غير ثابت، وليس كذلك لأنه مفروض الثبوت الآن. فدل ذلك على أنه ثابت أمس أيضا، ومثل له بعض المالكية بالوقف، إذا جهل مصرفه ووجد على حالة فإنه يجري عليها، لأن وجوده على تلك الحالة