أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
أن المفعول المحذوف الواقع عليه الخسران هو أنفسهم، كقوله في (الأعراف): * (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) *، وقوله في (المؤمنون): * (ومن خفت موازينه فأولائك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خالدون) * وقوله في (هود): * (أولائك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) *.
وزاد في مواضع أخر خسران الأهل مع النفس، كقوله في (الزمر): * (قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين) *، وقوله في (الشورى): * (وقال الذين ءامنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين فى عذاب مقيم) *.
وبين في موضع آخر أن خسران الخاسرين قد يشمل الدنيا والآخرة، وهو قوله: * (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والا خرة ذالك هو الخسران المبين) *.
قوله تعالى: * (وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم) *.
بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة لنبيه صلى الله عليه وسلم، إنه إما أن يريه في حياته بعض ما يعد الكفار من النكال والانتقام، أو يتوفاه قبل ذلك، فمرجعهم إليه جل وعلا لا يفوته شيء مما يريد أن يفعله بهم لكمال قدرته عليهم، ونفوذ مشيئته جل وعلا فيهم، وبين هذا المعنى أيضا في مواضع أخر، كقوله في سورة (المؤمن): * (فإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون) *، وقوله في (الزخرف): * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نرينك الذى وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون) * إلى غير ذلك من الآيات.
تنبيه لم يأت في القرآن العظيم فعل المضارع بعد إن الشرطية المدغمة في ما المزيدة لتوكيد الشرط، إلا مقترنا بنون التوكيد الثقيلة، كقوله هنا: * (وإما نرينك) *: * (فإما نذهبن) *: * (فإما تثقفنهم) *: * (وإما تخافن من قوم) *.
ولذلك زعم بعض العلماء العربية وجوب اقتران المضارع بالنون المذكورة في الحال
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»