أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣
((سورة الأعراف)) * (المص * كتاب أنزل إليك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا مآ أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أوليآء قليلا ما تذكرون) * قوله تعالى: * (فلا يكن فى صدرك حرج منه) *.
قال مجاهد، وقتادة، والسدي: * (حرج) * أي شك. أي لا يكن في صدرك شك في كون هذا القرآن حقا، وعلى هذا القول فالآية، كقوله تعالى: * (الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) * وقوله: * (الحق من ربك فلا تكن من الممترين) *، وقوله: * (فإن كنت في شك ممآ أنزلنآ إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جآءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) *.
والممتري: هو الشاك. لأنه مفتعل من المرية وهي الشك، وعلى هذا القول فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
والمراد نهى غيره عن الشك في القرآن، كقول الراجز:
* إياك أعني واسمعي يا جارة وكقوله تعالى: * (ولا تطع منهم ءاثما أو كفورا) *، وقوله: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) *، وقوله: * (ولئن اتبعت أهوآءهم) *.
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل شيئا من ذلك، ولكن الله يخاطبه ليوجه الخطاب إلى غيره في ضمن خطابه صلى الله عليه وسلم.
وجمهور العلماء: على أن المراد بالحرج في الآية الضيق. أي لا يكن في صدرك ضيق عن تبليغ ما أمرت به لشدة تكذيبهم لك، لأن تحمل عدواة الكفار، والتعرض لبطشهم مما يضيق به الصدر، وكذلك تكذيبهم له صلى الله عليه وسلم مع وضوح صدقه بالمعجزات الباهرات مما يضيق به الصدر. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة)، أخرجه مسلم. والثلغ: الشدخ وقيل ضرب الرطب باليابس حتى ينشدخ، وهذا البطش
(٣)
الذهاب إلى صفحة: 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»