(الفاتحة) في الكلام على قوله تعالى: * (إياك نعبد) *.
أما تجاهل فرعون لعنه الله لربوبيته جل وعلا، في قوله: * (قال فرعون وما رب العالمين) * فإنه تجاهل عارف لأنه عبد مربوب، كما دل عليه قوله تعالى: * (قال لقد علمت مآ أنزل هاؤلاء إلا رب السماوات والا رض بصآئر) *: وقوله: * (وجحدوا بها واستيقنتهآ أنفسهم ظلما وعلوا) *.
قوله تعالى: * (قل هل من شركآئكم من يبدأ الخلق) * إلى قوله: * (فأنى تؤفكون) *.
ألقم الله تعالى المشركين في هذه الآيات حجرا، بأن الشركاء التي يعبدونها من دونه لا قدرة لها على فعل شيء، وأنه هو وحده جل وعلا الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده بالإحياء مرة أخرى، وأنه يهدي من يشاء.
وصرح بمثل هذا في آيات كثيرة كقوله: * (الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركآئكم من يفعل من ذلكم من شىء سبحانه وتعالى عما يشركون) *، وقوله تعالى: * (واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حيواة ولا نشورا) * وقوله: * (ياأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السمآء والا رض) *. وقوله: * (أفمن يخلق كمن لا يخلق) *: وقوله: * (أم جعلوا لله شركآء خلقوا كخلقه) * وقوله: * (قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادنى الله بضر هل هن كاشفات ضره) *. وقوله: * (أمن هاذا الذى يرزقكم إن أمسك رزقه) *. وقوله: * (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق) *.
والآيات: في مثل ذلك كثيرة، ومعلوم أن تسوية ما لا يضر ولا ينفع ولا يقدر على شيء، مع من بيده الخير كله المتصرف بكل ما شاء، لا تصدر إلا ممن لا عقل له، كما قال تعالى عن أصحاب ذلك: * (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير) *. * (وما كان هاذا القرءان أن يفترى من دون الله ولاكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين * ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين * وإن كذبوك فقل لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون ممآ أعمل وأنا برىء مما تعملون * ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون * ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون * إن الله لا يظلم الناس شيئا ولاكن الناس أنفسهم يظلمون) * قوله تعالى: * (وما كان هاذا القرءان أن يفترى من دون الله ولاكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) *.
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة، أن هذا القرآن لا يكون مفتري من دون الله مكذوبا به عليه، وأنه لا شك في أنه من رب العالمين جل وعلا،