أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٧٧
عنه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أما حمل الهدى في آية * (فبهداهم اقتده) * والدين في آية * (شرع لكم من الدين) * على سبيل التوحيد دون الفروع العملية فهو غير مسلم أما الأول فلما أخرجه البخاري في صحيحه في تفسير سورة ص عن مجاهد أنه سأل ابن عباس: من أين أخذت السجدة في ص فقال: أو ما تقرأ: * (ومن ذريته داود إلى قوله تعالى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا نص صحيح صريح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل سجود التلاوة في الهدى في قوله: * (فبهداهم اقتده) * ومعلوم أن سجود التلاوة فرع من الفروع لا أصل من الأصول.
وأما الثاني: فلأن النبي صلى الله عليه وسلم صرح في حديث جبريل الصحيح المشهور أن اسم الدين يتناول الإسلام والإيمان والإحسان حيث قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم وقال تعالى: * (إن الدين عند الله الإسلام) * وقال: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا) *.
وصرح صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور بأن الإسلام يشمل الأمور العملية كالصلاة والزكاة والصوم والحج وفي حديث ابن عمر المتفق عليه بني الإسلام على خمس الحديث ولم يقل أحد إن الإسلام هو خصوص العقائد دون الأمور العملية فدل على أن الدين لا يختص بذلك في قوله: * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) * وهو ظاهر جدا لأن خير ما يفسر به القرآن هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما الخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم في نحو قوله: * (فبهداهم اقتده) * فقد دلت النصوص على شمول حكمه للأمة كما في قوله تعالى: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * إلى غيرها مما تقدم من الآيات وقد علمنا ذلك من استقراء القرآن العظيم حيث يعبر فيه دائما بالصيغة الخاصة به صلى الله عليه وسلم ثم يشير إلى أن المراد عموم حكم الخطاب للأمة كقوله في أول سورة الطلاق: * (يا أيها النبي) * ثم قال: * (إذا طلقتم النساء) * فدل على دخول الكل حكما تحت قوله: * (يا أيها النبي) * وقال في سورة التحريم: * (يا أيها النبي لم تحرم) * ثم قال: * (قد فرض الله لكم
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»