أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٨١
القميص فقال: سبحان الله متى كان الذئب حليما كيسا يقتل يوسف ولا يشق قميصه؟ كما بينه تعالى بقوله: * (وجآءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) * وأخذ المالكية ضمان الغرم من قوله تعالى في قصة يوسف وإخوته: * (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) * وأخذ بعض الشافعية ضمان لوجه المعروف بالكفالة من قوله تعالى في قصة يعقوب وبنيه * (لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم) *.
وأخذ المالكية تلوم القاضي للخصوم ثلاثة أيام بعد انقضاء الآجال من قوله تعالى في قصة صالح: * (فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) * وأخذوا وجوب الإعذار إلى الخصم الذي توجه إليه الحكم ب أبقيت لك حجة؟ ونحو ذلك من قوله تعالى في قصة سليمان مع الهدهد: * (لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) * وأخذ الحنابلة جواز طول مدة الإجارة من قوله تعالى في قصة موسى وصهره شعيب أو غيره: * (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ومآ أريد أن أشق عليك) * وأمثال هذا كثيرة جدا وقوله تعالى: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) * لا يخالف ما ذكرنا لأن المراد به أن بعض الشرائع تنسخ فيها أحكام كانت مشروعة قبل ذلك ويجدد فيها تشريع أحكام لم تكن مشروعة قبل ذلك.
وبهذا الاعتبار يكون لكل شرعة منهاج من غير مخالفة لما ذكرنا وهذا ظاهر فبهذا يتضح لك الجواب عن السؤال الأول وتعلم أن ما تضمنته آية * (وكتبنا عليكم فيهآ أن النفس بالنفس) * مشروع لهذه الأمة وأن الرجل يقتل بالمرأة كالعكس على التحقيق الذي لا شك فيه وكأن القائل بعدم القصاص بينهما يتشبث بمفهوم قوله: * (والأنثى بالأنثى) * وسترى تحقيق المقام فيه إن شاء الله قريبا.
والجواب عن السؤال الثاني _ الذي هو لم لا يخصص عموم النفس بالنفس بالتفصيل المذكور في قوله تعالى: * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) *؟ هو
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»