يشهد أن لا إلاه إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس الحديث أخرجه الشيخان وباقي الجماعة من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
فعموم هذه الآية الكريمة وهذا الحديث الصحيح يقتضي قتل الرجل بالمرأة لأنه نفس بنفس ولا يخرج عن هذا العموم إلا ما أخرجه دليل صالح لتخصيص النص به. نعم يتوجه على هذا الاستدلال سؤالان:
الأول: ما وجه الاستدلال بقوله تعالى: * (وكتبنا عليهم فيهآ أن النفس بالنفس) * الآية مع أنه حكاية عن قوم موسى والله تعالى يقول: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) *.
السؤال الثاني: لم لا يخصص عموم قتل النفس بالنفس في الآية والحديث المذكورين بقوله تعالى: * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) * لأن هذه الآية أخص من تلك لأنها فصلت ما أجمل في الأولى ولأن هذه الأمة مخاطبة بها صريحا في قوله تعالى: * (يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر) *. الجواب عن السؤال الأول: أن التحقيق الذي عليه الجمهور ودلت عليه نصوص الشرع أن كل ما ذكر لنا في كتابنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم مما كان شرعا لمن قبلنا أنه يكون شرعا لنا من حيث إنه وارد في كتابنا أو سنة نبينا صلى الله عليه وسلم لا من حيث إنه كان شرعا لمن قبلنا لأنه ما قص علينا في شرعنا إلا لنعتبر به ونعمل بما تضمن.
والنصوص الدالة على هذا كثيرة جدا ولأجل هذا أمر الله في القرآن العظيم في غير ما آية بالاعتبار بأحوالهم ووبخ من لم يعقل ذلك كما في قوله تعالى في قوم لوط: * (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون) *.
ففي قوله: * (أفلا تعقلون) * توبيخ لمن مر بديارهم ولم يعتبر بما وقع لهم ويعقل ذلك ليجتنب الوقوع في مثله وكقوله تعالى: * (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم) * ثم هدد الكفار بمثل ذلك فقال: * (وللكافرين أمثالها) *.