أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
وقال في حجارة قوم لوط التي أهلكوا بها أو ديارهم التي أهلكوا فيها: * (وما هي من الظالمين ببعيد) * وهو تهديد عظيم منه تعالى لمن لم يعتبر بحالهم فيجتنب ارتكاب ما هلكوا بسببه وأمثال ذلك كثير في القرآن.
وقال تعالى: * (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) * فصرح بأنه يقص قصصهم في القرآن للعبرة وهو دليل واضح لما ذكرنا ولما ذكر الله تعالى من ذكر من الأنبياء في سورة الأنعام قال لنبينا صلى الله عليه وسلم: * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * وأمره صلى الله عليه وسلم أمر لنا لأنه قدوتنا ولأن الله تعالى يقول: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * ويقول: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) * ويقول: * (ومآ آتاكم الرسول فخذوه) *.
ويقول: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * ومن طاعته اتباعه فيما أمر به كله إلا ما قام فيه دليل على الخصوص به صلى الله عليه وسلم وكون شرع من قبلنا الثابت بشرعنا شرعا لنا إلا بدليل على النسخ هو مذهب الجمهور منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين وخالف الإمام الشافعي رحمه الله في أصح الروايات عنه فقال : إن شرع من قبلنا الثابت بشرعنا ليس شرعا لنا إلا بنص من شرعنا على أنه مشروع لنا وخالف أيضا في الصحيح عنه في أن الخطاب الخاص بالرسول صلى الله عليه وسلم يشمل حكمه الأمة. واستدل للأول بقوله تعالى: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) * وللثاني: بأن الصيغة الخاصة بالرسول لا تشمل الأمة وضعا فإدخالها فيها صرف للفظ عن ظاهره فيحتاج إلى دليل منفصل وحمل الهدى في قوله: * (فبهداهم اقتده) * والدين في قوله: * (شرع لكم من الدين) * على خصوص الأصول التي هي التوحيد دون الفروع العملية لأنه تعالى قال في العقائد: * (ومآ أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إلاه إلا أنا فاعبدون) * وقال: * (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) * وقال: * (واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنآ أجعلنا من دون الرحمان ءالهة يعبدون) *.
وقال في الفروع العملية: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) * فدل ذلك على اتفاقهم في الأصول واختلافهم في الفروع كما قال صلى الله عليه وسلم: إنا معشر الأنبياء إخوة لعلات ديننا واحد أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»