أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٨٨
ويقويه حتى يصلح المجموع للاحتجاج.
قال الشوكاني في (نيل الأوطار) ما نصه: وثانيا بالأحاديث القاضية بأنه لا يقتل حر بعبد فإنها قد رويت من طرق متعددة يقوي بعضها بعضا فتصلح للاحتجاج.
قال مقيده عفا الله عنه: وتعتضد هذه الأدلة على ألا يقتل حر بعبد بإطباقهم على عدم القصاص للعبد من الحر فيما دون النفس فإذا لم يقتص له منه في الأطراف فعدم القصاص في النفس من باب أولى ولم يخالف في أنه لا قصاص للعبد من الحر فيما دون النفس إلا داود وابن أبي ليلى وتعتضد أيضا بإطباق الحجة من العلماء على أنه إن قتل خطأ ففيه القيمة لا الدية.
وقيده جماعة بما إذا لم تزد قيمته عن دية الحر وتعتضد أيضا بأن شبه العبد بالمال أقوى من شبهه بالحر من حيث إنه يجري فيه ما يجري في المال من بيع وشراء وإرث وهدية وصدقه إلى غير ذلك من أنواع التصرف وبأنه لو قذفه حر ما وجب عليه الحد عند عامة العلماء إلا ما روي عن ابن عمر والحسن وأهل الظاهر من وجوبه في قذف أم الولد خاصة.
ويدل على عدم حد الحر بقذفه العبد ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: من قذف مملوكه وهو بريء مما يقول جلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال وهو يدل على عدم جلده في الدنيا كما هو ظاهر.
هذا ملخص كلام العلماء في حكم قتل الحر بالعبد.
وأما قتل المسلم بالكافر فجمهور العلماء على منعه منهم مالك والشافعي وأحمد وروي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت ومعاوية رضي الله عنهم وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء وعكرمة والحسن والزهري وابن شبرمة والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر كما نقله عنهم ابن قدامة في المغني وغيره ورواه البيهقي عن عمر وعلي وعثمان وغيرهم.
وذهب أبو حنيفة والنخعي والشعبي إلى أن المسلم يقتل بالذمي واستدلوا بعموم النفس بالنفس في الآية والحديث المتقدمين وبالحديث الذي رواه ربيعة بن أبي عبد الرحمان عن ابن البيلماني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بمعاهد
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»