أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٧٨
تحلة أيمانكم) * فدل على عموم حكم الخطاب بقوله: * (يا أيها النبي) * ونظير ذلك أيضا في سورة الأحزاب في قوله تعالى: * (يا أيها النبي اتق الله) * ثم قال: * (إن الله كان بما تعملون خبير) * فقوله * (بما تعملون) * يدل على عموم الخطاب بقوله: * (يا أيها النبي) * وكقوله * (وما تكون في شأن) * ثم قال: * (ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا) *.
ومن أصرح الأدلة في ذلك آية الروم وآية الأحزاب أما آية الروم فقوله تعالى: * (فأقم وجهك للدين حنيفا) * ثم قال: * (منيبين إليه) * وهو حال من ضمير الفاعل المستتر المخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: * (فأقم وجهك) * الآية.
وتقرير المعنى: فأقم وجهك يا نبي الله في حال كونكم منيبين فلو لم تدخل الأمة حكما في الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم لقال: منيبا إليه بالإفراد لإجماع أهل اللسان العربي على أن الحال الحقيقية أعني التي لم تكن سببية تلزم مطابقتها لصاحبها إفرادا وجمعا وثنية وتأنيثا وتذكيرا فلا يجوز أن تقول: جاء زيد ضاحكين ولا جاءت هند ضاحكات وأما آية الأحزاب فقوله تعالى في قصة زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها: * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) * فإن هذا الخطاب خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقد صرح تعالى بشمول حكمه لجميع المؤمنين في قوله: * (لكي لا يكون على المؤمنين حرج) * وأشار إلى هذا أيضا في الأحزاب بقوله: * (خالصة لك من دون المؤمنين) * لأن الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم في قوله: * (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) * لو كان حكمه خاصا به صلى الله عليه وسلم لأغنى ذلك عن قوله خالصة: * (لك من دون المؤمنين) * كما هو ظاهر.
وقد ردت عائشة رضي الله عنها على من زعم أن تخيير الزوجة طلاق بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساءه فاخترنه فلم يعده طلاقا مع أن الخطاب في ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: * (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الآييتن) *.
وأخذ مالك رحمه الله بينونة الزوجة بالردة من قوله: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * وهو خطاب خاص به صلى الله عليه وسلم.
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»