هودا، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية. * (وثمود) * قوم صالح عليه السلام، أرسله الله إلى ثمود فكذبوه، فبعث الله إليهم الناقة آية، فعقروها وكذبوه، فأهلكهم الله. * (فما أبقى) * منهم أحدا، بل أبادهم عن آخرهم. * (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) * من هؤلاء الأمم، فأهلكهم الله وأغرقهم. * (والمؤتفكة) * وهم قوم لوط عليه السلام * (أهوى) *، أي: أصابهم الله بعذاب، ما عذب به أحدا من العالمين، قلب أسفل ديارهم أعلاها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، ولهذا قال: * (فغشاها ما غشى) *، أي: غشيها من العذاب الأليم الوخيم، ما غشى، أي: شيء عظيم، لا يمكن وصفه. * (فبأي آلاء بك تتمارى) *، أي: فبأي نعم الله وفضله تشك أيها الإنسان؟ فإن نعم الله ظاهرة لا تقبل الشك بوجه من الوجوه، فما بالعباد من نعمة، إلا منه تعالى، ولا يدفع النقم إلا هو. * (هذا نذير من النذر الأولى) * أي: هذا الرسول القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله، ليس ببدع من الرسل، بل قد تقدمه من الرسل السابقين، ودعوا إلى ما دعا إليه، فلأي شيء تنكر رسالته؟ وبأي حجة تبطل دعوته؟ أليست أخلاقه أعلى أخلاق الرسل الكرام؟ أليس يدعو إلى كل خير، وينهى عن كل شر؟ ألم يأت بالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد؟ ألم يهلك الله من كذب من قبله من الرسل الكرام؟ فما الذي يمنع العذاب عن المكذبين لمحمد سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين؟ * (أزفت الآرفة) *، أي: قربت القيامة، ودنا وقتها، وبانت علاماتها. * (ليس لها من دون الله كاشفة) *، أي: إذا أتت القيامة، وجاءهم العذاب الموعود به. ثم توعد المنكرين لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، المكذبين لما جاء به من القرآن الكريم، فقال: * (أفمن هذا الحديث تعجبون) *؟ أي: أفمن هذا الحديث الذي هو خير الكلام وأفضله وأشرفه تتعجبون، وتجعلونه من الأمور المخالفة للعادة، الخارقة للأمور والحقائق المعروفة؟ هذا من جهلهم وضلالهم وعنادهم، وإلا فهو الحديث الذي إذا حدث صدق، وإذا قال قولا، فهو القول الفصل، ليس بالهزل، وهو القرآن العظيم، الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، الذي يزيد ذوي الإصلاح رأيا وعقلا، وتسديدا وثباتا، وإيقانا وإيمانا، بل الذي ينبغي العجب من عقل من تعجب منه، وسفهه وضلاله. * (وتضحكون ولا تبكون) *، أي: تستعجلون الضحك والاستهزاء به، مع أنه الذي ينبغي أن تتأثر منه النفوس، وتلين له القلوب، وتبكي له العيون، سماعا لأمره ونهيه، وإصغاء لوعده ووعيده، والتفاتا لأخباره الصادقة الحسنة. * (وأنتم سامدون) *، أي: غافلون، لاهون عنه، وعن تدبره، وهذا من قلة عقولكم، وزيف أديانكم. فلو عبدتم الله وطلبتم رضاه في جميع الأحوال لما كنتم بهذه المثابة، التي يأنف منها أولو الألباب، ولهذا قال تعالى: * (فاسجدوا لله واعبدوا) *، الأمر بالسجود لله خصوصا، يدل على فضله، وأنه سر العبادة ولبها، فإن روحها الخشوع لله، والخضوع له، والسجود أعظم حالة يخضع بها العبد، فإنه يخضع قلبه وبدنه، ويجعل أشرف أعضائه على الأرض المهينة، موضع وطء الأقدام. ثم أمر بالعبادة عموما، الشاملة لجميع ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة. تم تفسير سورة النجم والحمد لله سورة القمر * (اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر * وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر * ولقد جاءهم من الأنبآء ما فيه مزدجر * حكمة بالغة فما تغن ي النذر) * يخبر تعالى أن الساعة وهي: القيامة، اقتربت وآن أوانها، وحان وقت مجيئها، ومع هذا، فهؤلاء المكذبون لم يزالوا مكذبين بها، غير مستعدين لنزولها، ويريهم الله من الآيات العظيمة الدالة على وقوعها ما يؤمن على
(٨٢٣)