) *، أي: كيف نتبع بشرا، لا ملكا، منا، لا من غيرنا، ممن هو أكبر عند الناس منا. ومع ذلك فهو شخص واحد * (إنا إذا) *، أي: إن اتبعناه وهو في هذه الحالة، * (لفي ضلال وسعر) *، أي: لضالون أشقياء. وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم، فإنهم أنفوا أن يتبعوا رسولا من البشر، ولم يأنفوا أن يكونوا عابدين للشجر، والحجر، والصور. * (أءلقي الذكر عليه من بيننا) *، أي: كيف يخصه الله من بيننا وينزل عليه الذكر؟ فأي مزية خصه من بيننا؟ وهذا اعتراض من المكذبين على الله، لم يزالوا يدلون به، ويصولون ويردون به دعوة الرسل، وقد أجاب الله عن هذه الشبهة بقول الرسل لأممهم: * (قالت رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) *. فالرسل من الله عليهم بصفات وأخلاق وكمالات، بها صلحوا لرسالات ربهم، والاختصاص بوحيه. ومن رحمته وحكمته أن كانوا من البشر، فلو كانوا من الملائكة، لم يمكن البشر، فلو كانوا من الملائكة، لم يمكن البشر أن يتلقوا عنهم، ولو جعلهم من الملائكة لعاجل المكذبين لهم بالعقاب العاجل. والمقصود من هذا الكلام الصادر من ثمود لنبيهم صالح، تكذيبه، ولهذا حكموا عليه بهذا الحكم الجائر، فقالوا: * (بل هو كذاب أشر) *، أي: كثير الكذب والشر. فقبحهم الله ما أسفه أحلامهم وأظلمهم، وأشدهم مقابلة للصادقين الناصحين بالخطاب الشنيع، لا جرم عاقبهم الله حين اشتد طغيانهم. فأرسل الله الناقة التي هي من أكبر النعم عليهم، آية من آيات الله، ونعمة يحلبون من درها، ما يكفيهم أجمعين. * (فتنة لهم) *، أي: اختبارا منه لهم وامتحانا. * (فارتقبهم واصطبر) *، أي: اصبر على دعوتك إياهم، وارتقب ما يحل بهم، أو ارتقب هل يؤمنون أو يكفرون؟ * (ونبئهم أن الماء قسمة بينهم) *، أي: وأخبرهم أن الماء، أي: موردهم الذي يستعذبونه، قسمة بينهم وبين الناقة، لها شرب يوم، ولهم شرب يوم آخر معلوم. * (كل شرب محتضر) *، أي: يحضره من كان قسمته، ويحظر على من ليس بقسمة له. * (فنادوا صاحبهم) * الذي باشر عقرها، الذي هو أشقى القبيلة * (فتعاطى) *، أي: انقاد لما أمروه به من عقرها * (فعقر) *. * (فكيف كان عذابي ونذر) * كان أشد عذاب، أرسل الله عليهم صيحة ورجفة، أهلكتهم عن آخرهم، ونجى الله صالحا ومن آمن معه. * (إنا أرسلنا عليهم) * في اليوم الرابع من عقرها * (صيحة واحدة) * صاح بها جبريل عليه السلام * (فكانوا) *، أي: فصاروا * (كهشيم المحتظر) *، والهشيم: الشجر اليابس المتهشم المتكسر، أو كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء، أي: كهشيم الحظيرة أو الشجر المتخذ لها. والمعنى الإجمالي: (إنا سلطنا عليهم صيحة واحدة، فصاروا بها كشجر يابس يجمعه من يريد اتخاذ حظيرة لبهائمه) * (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) *. * (كذبت قوم لوط بالنذر إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) * أي: * (كذبت قوم لوط) * لوطا عليه السلام، حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن الشرك والفاحشة التي ما سبقهم بها أحد من العالمين. فكذبوه واستمروا على شركهم وقبائحهم، حتى إن الملائكة الذين جاءوه بصروة أضياف حين سمع بهم قومه، جاءوا مسرعين، يريدون إيقاع الفاحشة فيهم، لعنهم الله وقبحهم، وراودوه عنهم. فأمر الله جبريل عليه السلام، فطمس عيونهم، وأنذرهم نبيهم بطشة الله وعقوبته * (فتماروا بالنذر) *. * (ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر) * قلب الله عليهم ديارهم، وجعل أسفلها أعلاها، وتتبعهم بحجارة من سجيل منضود، مسومة عند ربك للمسرفين. ونجى الله لوطا وأهله من الكرب العظيم، جزاء لهم على شكرهم لربهم، وعبادته وحده لا شريك له، قال تعالى: * (على الكافرين غير يسير) *،
(٨٢٤)