من كان مات، أو قضى أن يموت في منامه. * (ويرسل) * النفس * (الأخرى إلى أجل مسمى) * أي: إلى استكمال زرقها وأجلها. * (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) * على كمال اقتداره، وإحيائه الموتى بعد موتهم. وفي هذه الآية، دليل على أن الروح والنفس، جسم قائم بنفسه، مخالف جوهره، جوهر البدن. وأنها مخلوقة مدبرة، يتصرف الله فيها، بالوفاة، والإمساك، والإرسال. وأن أرواح الأحياء، تتلاقى في البرزخ، فتجتمع، فتتحادث. فيرسل الله أرواح الأحياء، ويمسك أرواح الأموات. * (أم اتخذوا من دون الله شفعآء قل أولو ك انوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون * قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون) * ينكر تعالى، على من اتخذ من دونه شفعاء، يتعلق بهم، ويسألهم ويعبدهم. * (قل) * لهم مبينا جهلهم، وأنها لا تستحق شيئا من العبادة: * (أولو كانوا) * أي: من اتخذتم من الشفعاء * (لا يملكون شيئا) * أي: لا مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. بل * (ولا يعقلون) * أي: وليس لهم عقل، يستحقون أن يمدحوا به، لأنها جمادات، من أحجار، وأشجار، وصور، وأموات. فهل يقال: إن لمن اتخذها عقلا؟ أم هو من أضل الناس وأجهلهم، وأعظمهم ظلما؟ * (قل) * لهم: * (لله الشفاعة جميعا) * لأن الأمر كله لله. وكل شفيع، فهو يخافه، ولا يقدر أن يشفع عنده أحد إلا بإذنه. فإذا أراد رحمة عبده، أذن للشفيع الكريم عنده، أن يشفع، رحمة بالاثنين. ثم قرر أن الشفاعة كلها له بقوله: * (له ملك السماوات والأرض) * أي: جميع ما فيها من الذوات، والأفعال ، والصفات. فالواجب أن تطلب الشفاعة ممن يملكها، وتخلص له العبادة. * (ثم إليه ترجعون) * فيجازي المخلص له بالثواب الجزيل، ومن أشرك به، بالعذاب الوبيل. * (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون * قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون) * يذكر تعالى حالة المشركين، وما اقتضاه شركهم * (و) * أنهم * (إذا ذكر الله وحده) * توحيدا له، وعملا بإخلاص الدين له، وترك ما يعبدون من دونه، يشمئزون، وينفرون، ويكرهون ذلك أشد الكراهة. * (وإذا ذكر الذين من دونه) * من الأصنام والأنداد، ودعا الداعي إلى عبادتها ومدحها * (إذا هم يستبشرون) * بذلك، فرحا بذكر معبوداتهم، ولكون الشرك موافقا لأهوائهم، وهذه الحال شر الحالات وأشنعها، ولكن موعدهم يوم الجزاء. فهناك يؤخذ الحق منهم، وينظر: هل تنفعهم آلهتهم، التي كانوا يدعون من دون الله شيئا؟ ولهذا قال: * (قل اللهم فاطر السماوات والأرض) * أي: خالقهما ومدبرهما. * (عالم الغيب) * الذي غاب عن أبصارنا وعلمنا * (والشهادة) * الذي نشاهده. * (أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون) * وإن من أعظم الاختلاف، اختلاف الموحدين المخلصين، القائلين: إن ما هم عليه هو الحق، وإن لهم الحسنى في الآخرة دون غيرهم، والمشركين الذين اتخذوا من دونك الأنداد والأوثان، وسووا بك من لا يسوى شيئا، وتنقصوك غاية التنقص، واستبشروا عند ذكر آلهتهم، واشمئزوا عند ذكرك، وزعموا مع هذا، أنهم على الحق، وغيرهم على الباطل، وأن لهم الحسنى. قال تعالى: * (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد) *. وقد أخبرنا بالفصل بينهم بعدها بقوله: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد) * إلى أن قال: * (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) *. وقال تعالى: * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون * إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار) * ففي هذه الآية، بيان عموم خلقه تعالى، وعموم علمه، وعموم حكمه بين عباده. فقدرته التي نشأت عنها المخلوقات، وعلمه المحيط بكل شيء، دال على حكمه بين عباده، وبعثهم، وعلمه بأعمالهم، خيرها وشرها، وبمقادير جزائها، وخلقه دال على علمه * (ألا يعلم من خلق) *. * (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما ك سبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) * لما ذكر تعالى، أنه الحاكم بين عباده، وذكر مقالة المشركين وشناعتها، كأن النفوس تشوفت إلى ما يفعل الله بهم يوم القيامة، أخبر أن لهم * (سوء العذاب) * أي: أشده وأفظعه، كما قالوا أشد الكفر وأشنعه. وأنهم على الفرض والتقدير لو كان لهم ما في الأرض جميعا، من ذهبها، وفضتها، ولؤلؤها، وحيواناتها، وأشجارها، وزروعها، وجميع أوانيها، وأثاثها، ومثله معه، ثم بذلوه يوم القيامة ليفتدوا به من العذاب، وينجوا منه، ما قبل منهم، ولا أغني عنهم من عذاب الله شيئا، * (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) *. * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) * أي: يظنون من السخط العظيم، والمقت الكبير، وقد كانوا
(٧٢٦)