جمعن حسن الوجوه والأبدان، وحسن الأخلاق. * (في ظلال على الأرائك) * أي: السرر المزينة، باللباس المزخرف الحسن. * (متكئون) * عليه، اتكاء دالا على كمال الراحة، والطمأنينة، واللذة. * (لهم فيها فاكهة) * كثيرة، من جميع أنواع الثمار اللذيذة، من عنب وتين، ورمان، وغيرها. * (ولهم ما يدعون) * أي: يطلبون، فمهما طلبوه وتمنوه أدركوه. ولهم أيضا * (سلام) * حاصل لهم * (قولا من رب رحيم) *. ففي هذا، كلام الرب تعالى لأهل الجنة، وسلامه عليهم، وأكده بقوله: * (قولا) * وإذا سلم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلامة التامة، من جميع الوجوه، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها. فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الذين أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا. فلولا أن الله تعالى، قدر أن يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنهم من الفرح، والبهجة، والسرور، لحصل ذلك. فنرجو ربنا، أن لا يحرمنا ذلك النعيم، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم. * (وامتازوا اليوم أيها المجرمون * ألم أعهد إليكم يبني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني ه ذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * ه ذه جهنم التي كنتم توعدون * اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون * اليوم نختم على أفواههم وتكلمنآ أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون * ولو نشآء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشآء لمسخناهم على مك انتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون) * لما ذكر تعالى جزاء المتقين، ذكر جزاء المجرمين * (و) * أنهم يقال لهم يوم القيامة * (امتازوا اليوم أيها المجرمون) * أي: تميزوا عن المؤمنين، وكونوا على حدة، ليوبخهم، ويقرعهم على رؤوس الأشهاد، قبل أن يدخلهم النار، فيقول لهم: * (ألم أعهد إليكم) * أي: ألم آمركم وأوصيكم، على ألسنة رسلي، وأقول لكم: * (يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان) * أي: لا تطيعوه؟ وهذا التوبيخ، يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر والمعاصي، لأنها كلها طاعة للشيطان، وعبادة له. * (إنه لكم عدو مبين) * فحذرتكم منه، غاية التحذير، وأنذرتكم عن طاعته، وأخبرتكم بما يدعوكم إليه، * (و) * أمرتكم * (أن اعبدوني) * بامتثال أوامري وترك زواجري. * (هذا) * أي: عبادتي وطاعتي، ومعصية الشيطان * (طراط مستقيم) *. فعلوم الصراط المستقيم وأعماله، ترجع إلى هذين الأمرين. أي: فلم تحفظوا عهدي، ولم تعلموا بوصيتي، * (ولقد) * واليتم عدوكم، وهو الشيطان، الذي * (أضل منكم جبلا كثيرا) * أي: خلقا كثيرا. * (أفلم تكونوا تعقلون) * أي: فلا كان لكم عقل، يأمركم بموالاة ربكم، ووليكم الحق، ويزجركم عن اتخاذ أعدى الأعداء لكم وليا، فلو كان لكم عقل صحيح لما فعلتم ذلك. فإذا أطعتم الشيطان، وعاديتم الرحمن، وكذبتم بلقائه، ووردتم القيامة دار الجزاء، وحق عليكم القول بالعذاب * (هذه جهنم التي كنتم توعدون) * وتكذبون بها، فانظروا إليها عيانا، فهناك تنزعج منهم القلوب، وتزوغ الأبصار، ويحصل الفزع الأكبر. ثم يكمل ذلك، بأن يؤمر بهم إلى النار، ويقال لهم: * (اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون) * أي: ادخلوها على وجه تصلاكم، ويحيط بكم حرها، ويبلغ منكم كل مبلغ، بسبب كفركم بآيات الله، وتكذيبكم لرسل الله. قال تعالى في بيان وصفهم الفظيع، في دار الشقاء * (اليوم نختم على أفواههم) * بأن نجعلهم خرسا، فلا يتكلمون، فلا يقدرون على إنكار ما علموه، من الكفر، والتكذيب. * (وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) * أي: تشهد عليهم أعضاؤهم بما علموه، وينطقها الذي أنطق كل شيء. * (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) * بأن نذهب أبصارهم، كما طمسنا على نطقهم. * (فاستبقوا الصراط) * أي: فبادروا إليه؛ لأنه الطريق إلى الوصول إلى الجنة * (فأنى يبصرون) * وقد طمست أبصارهم. * (ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم) * أي: لأذهبنا حركتهم * (فما استطاعوا مضيا) * إلى الأمام * (ولا يرجعون) * إلى ورائهم، ليبعدوا عن النار. والمعنى: أن هؤلاء الكفار، حقت عليهم كلمة العذاب، ولم يكن بد من عقابهم. وفي ذلك الموطن، ما ثم إلا النار قد برزت، وليس لأحد نجاة إلا بالعبور على الصراط. وهذا لا يستطيعه إلا أهل الإيمان، الذي يمشون في نورهم. وأما هؤلاء، فليس لهم عند الله من عهد في النجاة من النار. فإن شاء طمس أعينهم، وأبقى حركتهم، فلم يهتدوا إلى الصراط لو استبقوا إلى وبادروه. وإن شاء، أذهب حراكهم، فلم يستطيعوا التقدم ولا التأخر. والمقصود: أنهم لا يعبرونه، فلا تحصل لهم النجاة. * (ومن نعمره ننك سه في الخلق أفلا يعقلون) * يقول تعالى: * (ومن نعمره) * من بني آدم * (ننكسه في الخلق) * أي: يعود إلى الحالة التي ابتدأ منها، حالة الضعف، ضعف العقل، وضعف القوة. * (أفلا يعقلون) * أن الآدمي ناقص من كل وجه، فيتداركوا قولهم وعقولهم، فيستعملوها في طاعة ربهم. * (وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين) * ينزه تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عما رماه به المشركون، من أنه شاعر، وأن الذي جاء به شعر فقال: * (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) * أن يكون شاعرا، أي: هذا من
(٦٩٨)