* (بأمره) * القدري * (ولتبتغوا من فضله) * بالتصرف في معايشكم ومصالحكم. * (ولعلكم تشكرون) * من سخر لكم الأسباب، وسير لكم الأمور. فهذا المقصود من النعم، أن تقابل بشكر الله تعالى، ليزيدكم الله منها، ويبقيها عليكم. وأما مقابلة النعم بالكفر والمعاصي، فهذه حال من بدل نعمة الله كفرا، ومنحته محنة، وهو معرض لها للزوال، والانتقال منه إلى غيره. * (ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجآءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين) * أي: * (ولقد أرسلنا من قبلك) * في الأمم السالفين * (رسلا إلى قومهم) * حين جحدوا توحيد الله، وكذبوا بالحق، فجاءتهم رسلهم يدعونهم إلى التوحيد والإخلاص، والتصديق بالحق، وبطلان ما هم عليه، من الكفر والضلال. وجاؤوهم بالبينات والأدلة على ذلك، فلم يؤمنوا، ولم يزولوا عن غيهم. * (فانتقمنا من الذين أجرموا) * ونصرنا المؤمنين، أتباع الرسل. * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) * أي: أوجبنا ذلك على أنفسنا، وجعلنا من جملة الحقوق المتعينة ووعدنا به، فلا بد من وقوعه. فأنتم أيها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم، إن بقيتم على تكذيبكم، حلت بكم العقوبة، ونصرناه عليكم. * (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون * وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين * فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتهآ إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير) * يخبر تعالى عن كمال قدرته، وتمام نعمته، أنه * (يرسل الرياح فتثير سحابا) * من الأرض. * (فيبسطه في السماء) * أي: يمده ويوسعه * (كيف يشاء) * أي: على أي حالة أرادهم من ذلك. * (ويجعله) * أي: ذلك السحاب الواسع * (كسفا) * أي: سحابا ثخينا، قد طبق بعضه فوق بعض. * (فترى الودق يخرج من خلاله) * أي: السحاب، نقطا صغارا متفرقة، لا تنزل جميعا، فتفسد ما أتت عليه. * (فإذا أصاب به) * بذلك المطر * (من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون) * يبشر بعضهم بعضا بنزوله، وذلك لشدة حاجتهم، واضطرارهم إليه، فلهذا قال: * (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين) * أي: آيسين قانطين، لتأخر وقت مجيئه. أي: فلما نزل في تلك الحال، صار له موقع عظيم عندهم، وفرح واستبشار. * (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها) * فاهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج كريم. * (ان ذلك) * الذي أحيا الأرض بعد موتها * (لمحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير) * فقدرته تعالى، لا يتعاصى عليها شيء، وإن تعاصى على قدر خلقه، ودق عن أفهامهم، وحارت فيه عقولهم. * (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون * فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين * ومآ أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) * يخبر تعالى عن حالة الخلق، وأنهم مع هذه النعم عليهم بإحياء الأرض بعد موتها، ونشر رحمة الله تعالى، لو أرسلنا على هذا النبات الناشئ عن المطر، وعلى زروعهم، ريحا مضرة متلفة أو منقصة. * (فرأوه مصفرا) * قد تداعى إلى التلف * (لظلوا من بعده يكفرون) *. فينسون النعم الماضية، ويبادرون إلى الكفر. وهؤلاء، لا ينفع فيهم وعظ ولا زجر * (فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء) * بالأولى * (إذا ولوا مدبرين) * فإن الموانع قد توفرت فيهم عن الانقياد والسماع النافع كتوفر هذه الموانع المذكورة، عن سماع الصوت الحسي. * (وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم) * لأنهم لا يقبلون الإبصار بسبب عماهم فليس فيهم قابلية له. * (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) * فهؤلاء الذين ينفع فيهم إسماع الهدى، المؤمنون بآياتنا بقلوبهم، المنقادون لأوامرنا، المسلمون لنا؛ لأن معهم الداعي القوي لقبول النصائح والمواعظ، وهو استعدادهم للإيمان بكل آية من آيات الله، واستعدادهم لتنفيذ ما يقدرون عليه من أوامر الله. * (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) * يخبر تعالى، عن سعة علمه، وعظيم اقتداره، وكمال حكمته، أنه ابتدأ خلق الآدميين من ضعف، وهو الأطوار الأولى من خلقه، من نطفة إلى علقة، إلى مضغة إلى أن صار حيوانا في الأرحام، إلى أن ولد، وهو في سن الطفولية، وهو إذ
(٦٤٤)