تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر السعدي - الصفحة ٢٨٣
القيامة * (فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) * من خير وشر، ويجازيكم على ذلك، أوفى الجزاء. * (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) * أي: يخلف بعضكم بعضا، واستخلفكم الله في الأرض، وسخر لكم جميع ما فيها، وابتلاكم، لينظر كيف تعملون. * (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) * في القوة والعافية، والرزق، والخلق والخلق. * (ليبلوكم فيما آتاكم) * فتفاوتت أعمالكم. * (إن ربك سريع العقاب) * لمن عصاه وكذب بآياته. * (وإنه لغفور رحيم) * لمن آمن به، وعمل صالحا، وتاب من الموبقات. آخر تفسير سورة الأنعام، وبه تم الجزء الثاني من (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)، فلله الحمد والثناء. ويليه الجزء الثالث، وأوله تفسير سورة الأعراف. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. وكان الفراغ من كتابته، في يوم الجمعة، الموافق خمسة وعشرين من جمادى الآخرة سنة 1345 ه. بقلم الفقير إلى ربه المنان علي الحسن العلي البريكان. وقد نسخته من نسخة المؤلف، غفر الله له، وأثابه على ذلك، الثواب الجزيل. وجزاه الله عنا، وعن جميع المسلمين، أفضل الجزاء، في دار الجزاء. وأدخله الله برحمته فسيح الجنان، ووقانا وإياه، عذاب النيران، بفضله وكرمه، إنه قريب مجيب. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين آمين ثم آمين. يا رب العالمين. سورة الأعراف * (المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين) * يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، مبينا له عظمة القرآن: * (كتاب أنزل إليك) * أي: كتاب جليل، حوى كل ما يحتاج إليه العباد، وجميع المطالب الإلهية، والمقاصد الشرعية، محكما مفصلا. * (فلا يكن في صدرك حرج منه) * أي: ضيق وشك واشتباه. بل لتعلم أنه تنزيل من حكيم حميد، وأنه أصدق الكلام، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلينشرح له صدرك، ولتطمئن به نفسك، ولتصدع بأوامره ونواهيه، ولا تخش لائما ومعارضا. * (لتنذر به) * الخلق، وتعظهم، وتذكرهم، فتقوم الحجة على المعاندين. * (و) * ليكن * (ذكرى للمؤمنين) * كما قال تعالى: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * يتذكرون به الصراط المستقيم، وأعماله الظاهرة والباطنة، وما يحول بين العبد، وبين سلوكه. ثم خاطب الله العباد، ولفتهم إلى الكتاب فقال: * (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) * أي: الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم، وهو: * (من ربكم) * الذي يريد أن يتم تربيته لكم، فأنزل عليكم هذا الكتاب الذي إن اتبعتموه، كملت تربيتكم، وتمت عليكم النعمة، وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق، ومعاليها. * (ولا تتبعوا من دونه أولياء) * أي: تتولونهم، وتتبعون أهواءهم، وتتركون لأجلها الحق. * (قليلا ما تذكرون) * فلو تذكرتم وعرفتم المصلحة، لما آثرتم الضار على النافع، والعدو على الولي. ثم حذرهم عقوباته للأمم الذين كذبوا ما جاءتهم به رسلهم، فلا يشابهونهم فقال: * (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا) * أي: عذابنا الشديد * (بياتا أو هم قائلون) * أي: في حين غفلتهم، وعلى غرتهم غافلون، لم يخطر الهلاك على قلوبهم. فحين جاءهم العذاب، لم يدفعوه عن أنفسهم، ولا أغنت عنهم آلهتهم، التي كانوا يرجونهم، ولا أنكروا ما كانوا يفعلونه من الظلم والمعاصي. * (فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين) * كما قال تعالى: * (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) *. وقوله: * (فلنسألن الذين أرسل إليهم) * أي: لنسألن الأمم، الذين أرسل الله إليهم المرسلين، عما أجابوا رسلهم، * (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) * الآيات. * (ولنسألن المرسلين) * عن تبليغهم، لرسالات ربهم، وعما أجابتهم به أممهم. * (فلنقصن عليهم) * أي: على الخلق كلهم ما عملوا * (بعلم) * منه تعالى لأعمالهم، * (وما كنا غائبين) * في وقت من الأوقات، كما قال تعالى: * (أحصاه الله ونسوه) *. وقال تعالى: * (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين) *. * (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأول ئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأول ئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) * ثم ذكر الجزاء على الأعمال فقال:
* (والوزن يومئذ الحق) * إلى قوله: * (بما كانوا بآياتنا يظلمون) * أي: والوزن يوم القيامة يكون بالعدل، والقسط، الذي لا جور
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»