تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٨
والإسلام والفقر هنا من البينة، ويكفي في المسكين. وابن السبيل قولهما ولو بلا يمين. وإن اتهما، نعم يظهر في مدعى تلف مال له عرف أو عيال أنه يكلف بينة انتهى، واشتراط الفقر في اليتيم مصرح به عندنا في أكثر الكتب وليراجع الباقي.
هذا والأربعة الأخماس الباقية مصرفها على ما قال صاحب الكشف - وهو شافعي - بعد أن اختار جعل * (للفقراء) * بدلا من * (ذي القربى) * وما عطف عليه من تضمنه قوله تعالى: * (والذين تبوؤوا) * إلى قوله سبحانه: * (والذين جاؤوا من بعدهم) * (الحشر: 10) على معنى أن له عليه الصلاة والسلام أن يعم الناس بها حسب اختياره، وقال: إنها للمقاتلين الآن على الأصح، وفي تحفة ابن حجر أنها على الأظهر للمرتزقة وقضاتهم وأئمتهم ومؤذنيهم وعمالهم ما لم يوجد تبرع، والمرتزقة الأجناد الموصودون في الديوان للجهاد لحصول النصرة بهم بعده صلى الله عليه وسلم، وصرح في التحفة بأن الأكثرين على أن هذه الأخماس الأربعة كانت له عليه الصلاة والسلام مع خمس الخمس، فجملة ما كان يأخذه صلى الله عليه وسلم من الفيء أحد وعشرون سهما من خمسة وعشرين، وكان على ما قال الروياني: يصرف العشرين التي له عليه الصلاة والسلام يعني الأربعة الأخماس للمصالح وجوبا في قول وندبا في آخر، وقال الغزالي: كان الفيب كله له صلى الله عليه وسلم في حياته، وإنما خمس بعد وفاته.
وقال الماوردي: كان له صلى الله عليه وسلم في أول حياته ثم نسخ في آخرها، وقال الزمخشري: إن قوله تعالى: * (ما أفاء الله) * الخ بيان للجملة الأولى يعني قوله تعالى: * (وما أفاء الله على رسوله منهم) * ولذا لم يدخل العاطف عليها بين فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصنع بما أفاء الله تعالى عليه وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم مقسوما على الأقسام الخمسة، وظاهره أن الجملة استئناف بياني، والسؤال عن مصارف ما أفاء الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم من بني النضير الذي أفادت الجملة الأولى أن أمره مفوض إليه صلى الله عليه وسلم لا يلزم أن يقسم قسمة الغنائم التي قوتل عليها قتالا معتدا به، وأخذت عنوة وقهرا كما طلب الغزاة لتكون أربعة أخماسها لهم وأن ما يوضع موضع الخمس من الغنائم هو الكل لا أن خمسه كذلك والباقي - وهو أربعة أخماسه - لمن تضمنه قوله تعالى: * (والذين تبوؤوا) * إلى قوله سبحانه: * (والذين جاؤوا من بعدهم) * (الحشر: 10) على ما سمعت سابقا، وأن المراد بأهل القرى هو المراد بالضمير في * (منهم) * أعني بني النضير، وعدل عن الضمير إلى ذلك - على ما في الإرشاد - إشعارا بشمول ما في * (ما أفاء الله) * لعقاراتهم أيضا، واعترض صاحب الكشف ما يشعر به الظاهر من أن الآية دالة على أمره صلى الله عليه وسلم بأن يضع الجميع حيث يضع الخمس من الغنائم، ووجه الآية بما أيد به مذهبه، ودقق الكلام في ذلك فليراجع وليتدبر.
وقال ابن عطية * (أهل القرى) * المذكورورن في الآية هم أهل الصفراء وينبع ووادي القرى، وما هنالك من قرى العرب التي تسمى قرى عرينة وحكمها مخالف لحكم أموال بني النضير فإن تلك كلها له صلى الله عليه وسلم خاصة، وهذه قسمها كغيرها، وقيل: المراد بما أفاء الله على رسوله خيبر، وكان نصفها لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ونصفها الآخر للمسلمين فكان الذي لله سبحانه ورسوله عليه الصلاة والسلام من ذلك الكتيبة. والوطيح. وسلالم. ووخدة، وكان الذي للمسلمين الشق، وكان ثلاثة عشر سهما، ونطاة وكانت خمسة أسهم، ولم يقسم عليه الصلاة والسلام من خيبر لأحد من المسلمين إلا لمن شهد الحديبية، ولم يأذن صلى الله عليه وسلم لأحد تخلف عنه عند مخرجه إلى الحديبية أن يشهد معه خيبر إلا جابر بن عبد الله
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»