تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٧
أبو بكر صكة فسقط؛ فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفعلت يا أبا بكر؟ قال: نعم، قال: لا تعد، قال: والله لو كان السيف قريبا مني لضربته - وفي رواية - لقتلته فنزلت * (لا تجد قوما) * الآيات.
وقيل: في أبي عبيدة بن عبد الله بن الجراح، أخرج ابن أبي حاتم. والطبراني. وأبو نعيم في " الحلية ". والبيهقي في سننه عن ابن عباس عن عبد الله بن شوذب قال: جعل والد أبي عبيدة يتصدى له يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله فنزلت * (لا تجد) * الخ، وفي " الكشاف " أن أبا عبيدة قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد، وقال الواقدي في قصة قتله إياه: كذلك يقول أهل الشام، وقد سألت رجالا من بني فهر فقالوا: توفي أبوه قبل الإسلام أي في الجاهلية قبل ظهور الإسلام انتهى.
والحق أنه قتله في بدر، أخرج البخاري. ومسلم عن أنس قال: كان - أي أبو عبيدة - قتل أباه وهو من جملة أسارى بدر بيده لما سمع منه في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يكره ونهاه فلم ينته، وقيل: نزلت فيه حيث قتل أباه. وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دعني أكون في الرعلة الأولى - وهي القطعة من الخيل - قال: " متعنا بنفسك يا أبا بكر ما تعلم أنك عندي بمنزلة سمعي وبصري " وفي مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد. وفي عمر قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر. وفي علي كرم الله تعالى وجهه. وحمزة. وعبيدة بن الحرث قتلوا عتبة. وشيبة ابني ربيعة. والوليد بن عتبة يوم بدر.
وتفصيل ذلك ما رواه أبو داود عن علي كرم الله تعالى وجهه قال: لما كان يوم بدر تقدم عتبة ابن ربيعة ومعه ابنه وأخوه فنادى من يبارز - إلى قوله - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قم يا حمزة قم يا علي قم يا عبيدة بن الحرث " فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة واختلفت بين عبيدة والوليد ضربتان فأثخن كل منهما صاحبه ثم ملنا على الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة.
هذا ورتب بعض المفسرين * (ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) * (المجادلة: 22) على قصة أبي عبيدة. وأبي بكر. ومصعب. وعلي كرم الله تعالى وجهه ومن معه، وقيل: إن قوله تعالى: * (لا تجد قوما) * (المجادلة: 22) الخ نزل في حاطب بن أبي بلتعة، والظاهر على ما قيل: إنه متصل بالآي التي في المنافقين الموالين لليهود؛ وأيا ما كان فحكم الآيات عام وإن نزلت في أناس مخصوصين كما لا يخفى، والله تعالى أعلم.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»