لا يحيط بها الوصف، و - النذر - مصدر كالإنذار، وقيل: جمع نذير بمعنى الإنذار، وجعله بعضهم بمعنى المنذر منه، وليس بشيء، وكذا جعله بمعنى المنذر، وكان يحتمل أن تكون ناقصة فكيف في موضع الخبر؟ وتامة فكيف في موضع الحال؟
* (ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر) *.
* (ولقد يسرنا القرءان) * الخ جملة قسمية وردت في آخر القصص الأربع تقريرا لمضمون ما سبق من قوله تعالى: * (ولقد جاءهم) * الخ وتنبيها على أن كل قصة منها مستقلة بإيجاب الادكار كافية في الازدجار، ومع ذلك لم يحصل فيها اعتبار، أي وبالله لقد سهلنا القرآن لقومك بأن أنزلناه على لغتهم وشحناه بأنواع المواعظ والعبر وصرفنا فيه من الوعيد والوعد * (للذكر) * أي للتذكر والاتعاظ * (فهل من مدكر) * إنكار ونفي للمتعظ على أبلغ وجه وأكده يدل على أنه لا يقدر أحد أن يجيب المستفهم بنعم، وقيل: المعنى سهلنا القرآن للحفظ لما اشتمل عليه من حسن النظم وسلاسة اللفظ وشرف المعاني وصحتها وعروه عن الوحشى ونحوه فله بالقلوب وحلاوة في السمع فهل من طالب لحفظه ليعان عليه؟ ومن هنا قال ابن جبير: لم يستظهر شيء من الكتب الالهية غير القرآن، وأخرج ابن المنذر. وجماعة عن مجاهد أنه قال: يسرنا القرآن هونا قراءته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس لولا أن الله تعالى يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله تعالى.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا مثله. وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين أنه مر برجل يقول سورة خفيفة فقال: لا تقل ذلك ولكن قل سورة يسيرة لأن الله تعالى يقول: * (ولقد يسرنا القرآن للذكر) * والمعنى الذي ذكر أولا أنسب بالمقام، ولعل خبر أنس إن صح ليس تفسيرا للآية، وجوز تفسير * (يسرنا) * بهيأنا من قولهم: يسر ناقته للسفر إذا رحلها، ويسر فرسه للغزو إذا أسرجه وألجمه قال الشاعر: وقمت إليه باللجام (ميسرا) * هنالك يجزيني الذي كنت أصنع * (كذبت عاد فكيف كان عذابى ونذر) *.
* (كذبت عاد) * شروع في قصة أخرى ولم تعطف وكذا ما بعدها من القصص إشارة إلى أن كل قصة مستقلة في القصد والاتعاظ ولما لم يكن لقوم نوح اسم علم ذكروا بعنوان الإضافة ولما كان لقوم هود علم وهو (عاد) ذكروا به لأنه أبلغ في التعريف، والمراد كذبت عاد هودا عليه السلام ولم يتعرض لكيفية تكذيبهم له عليه السلام روما للاختصار ومسارعة إلى بيان ما فيه الازدجار من العذاب، وقوله: * (فكيف كان عذابي ونذر) * لتوجيه قلوب السامعين نحو الإصغاء إلى ما يلقى إليهم قبل ذكره لا لتهويله وتعظيمه وتعجيبهم من حاله بعد بيانه كما قبله وما بعده كأنه قيل: * (كذبت عاد) * فهل سمعتم، أو فاسمعوا كيف عذابي وإنذاري لهم، وقيل: هو للتهويل أيضا لغرابة ما عذبوا به من الريح وانفراده بهذا النوع من العذاب، وفيه بحث [بم وقوله تعالى:
* (إنآ أرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى يوم نحس مستمر) *.
* (إنآ أرسلنا عليهم ريحا صرصرا) * استئناف لبيان ما أجمل أولا، والصرصر الباردة على ما روي عن ابن عباس. وقتادة. والضحاك، وقيل: شديدة الصوت وتمام الكلام قد مر في * (فصلت) *.
* (في يوم نحس) * شؤم عليهم * (مستمر) * ذلك الشؤم لأنهم بعد أن أهلكوا لم يزالوا معذبين في البرزخ حتى يدخلوا جهنم يوم القيامة، والمراد باليوم مطلق الزمان لقوله تعالى: * (فأرسلنا عليهم ربحا صرصرا في أيام نحسات) * (فصلت: 16)، وقوله سبحانه: * (سخرها عليهم سبعليال وثمانية أيام حسوما) * (الحاقة: 7) والمشهور أنه يوم الأربعاء