تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٩٦
عندهم كما حكى فيما مر، وقيل: قرىء بضم النون وسكون الهاء * (فى مقعد صدق عند مليك مقتدر) *.
* (في مقعد صدق) * في مكان مرضي على أن الصدق مجاز مرسل في لازمه أو استعارة، وقيل: المراد صدق المبشر به وهو الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو المراد أنه ناله من ماله بصدقه وتصديقه للرسل عليهم السلام، فالإضافة لأدنى ملابسة، وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه: مدح المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق، وهو المقعد الذي يصدق الله تعالى فيه مواعيد أوليائه بأنه يبيح عز وجل لهم النظر إلى وجهه الكريم، وإفراد المقعد على إرادة الجنس.
وقرأ عثمان البتي - في مقاعد - على الجمع وهي توضح أن المراد بالمقعد المقاعد.
* (عند مليك) * أي ملك عظيم الملك، وهو صيغة مبالغة وليست الياء من الإشباع * (مقتدر) * قادر عظيم القدرة، والظرف في موضع الحال من الضمير المستقر في الجار والمجرور، أو خبر بعد خبر، أو صفة لمقعد صدق، أو بدل منه، والعندية للقرب الرتبي وذكر بعضهم أنه سبحانه أبهم العندية والقرب ونكر - مليكا، ومقتدرا - للإشارة إلى أن ملكه تعالى وقدرته عز وجل لا تدري الإفهام كنههما وأن قربهم منه سبحانه بمنزلة من السعادة والكرامة بحيث لا عين رأيت ولا أذن سمعت مما يجل عن البيان وتكل دونه الأذهان.
وأخرج الحكيم الترمذي عن بريدة - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: * (إن المتقين) * (الحجر: 45) الخ قال: إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين فيقرأ عليهم القرآن وقد جلس كل امرىء منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة بالأعمال فلا تقر أعينهم قط كما تقر بذلك ولم يسمعوا شيئا أعظم منه ولا أحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم قريرة أعينهم ناعمين إلى مثلها من الغد - وإذا صح هذا فهو من المتشابه كالآية فلا تغفل، ولهذين الاسمين الجليلين شأن في استجابة الدعاء على ما في بعض الآثار.
أخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: دخلت المسجد وأنا أرى أني أصبحت فإذا على ليل طويل وليس فيه أحد غيري فنمت فسمعت حركة خلفي ففزعت فقال: أيها الممتلىء قلبه فرقا لا تفرق أو لا تفزع وقل اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون ثم سل ما بدا لك قال: فما سألت الله تعالى شيئا إلا استجاب لي وأنا أقول: اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون فأسعدني في الدارين وكن لي ولا تكن علي وانصرني على من بغى علي وأعذني من هم الدين وقهر الرجال وشماتة الأعداء، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
سورة الرحمن عز وجل وسميت في حديث أخرجه البيهقي عن علي كرم الله تعالى وجهه مرفوعا " عروس القرآن " ورواه موسى بن جعفر رضي الله تعالى عنهما عن آبائه الأطهار كذلك وهي مكية في قول الجمهور، وأخرج ذلك ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير. وعائشة رضي الله تعالى عنهم. وابن النحاس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأخرج ابن الضريس. وابن مردويه. والبيهقي في الدلائل عنه أنها نزلت بالمدينة، وحكى ذلك عن مقاتل، وحكاه في البحر عن ابن مسعود أيضا، وحكى أيضا قولا آخر عن ابن عباس وهو أنها مدنية سوى قوله تعالى:
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»