تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٩٣
رضي الله تعالى عنه: يوم نزلت أي جمع يهزم أي من جموع الكفار؟ ولم يتعرض لقتال أحد منهم، وقد تقدم الخبر.
ومما أشرنا إليه يعلم أن قول الطيبي في هذه الرواية نظر لأن همزة الإنكار في * (أم يقولون) * الخ دلت على أن المنهزمين من هم ناشيء عن الغفلة عن مراد عمر رضي الله تعالى عنه، وقرأ أبو حيوة. وموسى الأسواري. وأبو البرهسم - ستهزم الجمع - بفتح التاء وكسر الزاي خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونصب الجمع على المفعولية، وقرأ أبو حيوة أيضا. ويعقوب - سنهزم - بالنون مفتوحة وكسر الزاي على إسناد الفعل إلى ضمير العظمة، وعن أبي حيوة. وابن أبي عبلة * (سيهزم) * الجمع بفتح الياء مبنيا للفاعل ونصب الجمع أي سيهزم الله تعالى الجمع، وقرأ أبو حيوة. وداود بن أبي سالم عن أبي عمرو - وتولون - بتاء الخطاب.
* (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) *.
* (بل الساعة موعدهم) * أي ليس هذا تمام عقوبتهم بل الساعة موعد عذابهم وهذا من طلائعه * (والساعة ادهى) * أي أعظم داهية وهي الأمر المنكر الفظيع الذي لا يهتدي إلى الخلاص عنه * (وامر) * وأشد مرارة في الذوق وهو استعارة لصعوبتها على النفس، وقيل: أقوى وليس بذاك وإظهار الساعة في موضع إضمارها لتربية تهويلها.
* (إن المجرمين فى ضل‍ال وسعر) *.
* (إن المجرمين) * من الأولين والآخرين * (في ضل‍ال) * في هلاك * (وسعر) * ونيران مسعرة أو في ضلال عن الحق ونيران في الآخرة، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في خسران وجنون، وقوله تعالى:
* (يوم يسحبون فى النار على وجوههم ذوقوا مس سقر) *.
* (يوم يسحبون) * أي يجرون * (في النار على وجوههم) * متعلق بقول مقدر بعده أي يوم يسحبون يقال لهم * (ذوقوا مس سقر) * وجوز أن يكون متعلقا بمقدر يفهم مما قبل أي يعذبون، أو يهانون، أو نحوه، وجملة القول عليه حال من ضمير * (يسحبون) * وجوز كونه متعلقا - بذوقوا - على أن الخطاب للمكذبين المخاطبين في قوله تعالى: * (أكفاركم) * الخ أي ذوقوا أيها المكذبون محمدا صلى الله عليه وسلم يوم يسحب المجرمون المتقدمون، والمراد حشرهم معهم والتسوية بينهم في الآخرة كما ساووهم في الدنيا وهو كما ترى، والمراد - بمس سقر - ألمها على أنه مجاز مرسل عنه بعلاقة السببية فإن مسها سبب للتألم بها وتعلق الذوق بمثل ذلك شائع في الاستعمال، وفي " الكشاف " * (مس سقر) * كقولك وجد مس الحمى وذاق طعم الضرب لأن النار إذا أصابتهم بحرها ولحقتهم بإيلامها فكأنها تمسهم مسا بذلك كما يمس الحيوان ويباشر بما يؤذي ويؤلم وهو مشعر بأن في الكلام استعارة مكنية نحو * (ينقضون عهد الله) * ويحتمل غير ذلك، * (وسقر) * على لجهنم - أعاذنا الله تعالى منها ببركة كلامه العظيم وحرمة حبيبه عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم - من سرقته للنار وصقرته بإبدال السين صادا لأجل القاف إذا لوحته وغيرت لونه قال ذو الرمة يصف ثور الوحش: إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها * بأفنان مربوع الصريمة معبل وعدم الصرف للعلمية والتأنيث، وقرأ عبد الله إلى النار، وقرأ محبوب عن أبي عمرو * (مس سقر) * بإدغام السين في السين، وتعقب ذلك ابن مجاهد بأن إدغامه خطأ لأنه مشدد، والظن بأبي عمرو أنه لم يدغم حتى حذف إحدى السينين لاجتماع الأمثال ثم أدغم.
* (إنا كل شىء خلقن‍اه بقدر) *.
* (إنا كل شيء) * من الأشياء * (خلقناه بقدر) * أي مقدرا مكتوبا في اللوح قبل وقوعه، فالقدر بالمعنى المشهور الذي يقابل القضاء، وحمل الآية على ذلك هو المأثور عن كثير من السلف، وروى الإمام أحمد. ومسلم. والترمذي. وابن ماجه عن أبي هريرة قال: " جاء مشركو قريش يخاصمون
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»