والأذى. وأن يقصد به وجه الله تعالى. وأن يستحقر ما يعطي وإن كثر. وأن يكون من أحب أمواله إليه. وأن يتوخى في إيصاله للفقير ما هو أسر لديه من الوجوه كحمله إلى بيته. ولا يخفى أنه يمكن الزيادة والنقص فيما ذكر.
وإيما كان فالكلام إما على التجوز في الفعل فيكون استعارة تبعية تصريحية أو التجوز في مجموع الجملة فيكون استعارة تمثيلية وهو الأبلغ أي من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله تعالى مخلصا متحريا أكرمه وأفضل الجهات رجاء أن يعوضه سبحانه بدله كمن يقرضه * (فيضاعفه له) * فيعطيه أجره على إنفاقه مضاعفا أضعافا كثيرة من فضله.
* (وله أجر كريم) * أي وذلك الأجل المضموم إليه الإضعاف كريم مرضي في نفسه حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون، ففيه إشارة إلى أن الأجر كما أنه زائد في الكم بالغ في الكيف فالجملة حالية لا عطف على * (فيضاعفه) *، وجوز العطف والمغايرة ثابتة بين الضعف والأجر نفسه فإن الاضعاف من محض الفضل والمثل فضل هو أجر، ونصب يضاعفه على جواب الاستفهام بحسب المعنى كأنه قيل: أيقرض الله تعالى أحد فيضاعفه له فإن المسؤول عنه بحسب اللفظ وإن كان هو الفاعل لكنه في المعنى هو الفعل إذ ليس المراد أن الفعل قد وقع السؤال عن تعيين فاعله كقولك: من جاءك اليوم؟ إذا علمت أنه جاءه جاء لم تعرفه بعينه وإنما أورد على هذا الأسلوب للمبالغة في الطلب حتى كأن الفعل لكثرة دواعيه قد وقع وإنما يسأل عن فاعله ليجازي ولم يعتبر الظاهر لأنه يشترط بلا خلاف في النصب بعد الفاء أن لا يتضمن ما قبل وقوع الفعل نحو لم ضربت زيدا فيجازيك فإنه حينئذ لا يتضمن سبق مصدر مستقبل وعلى هذا يؤل كل ما فيه نصب وما قبل متضمن للوقوع، وقرأ غير واحد * (فيضاعفه) * بالرفع على القياس نظرا للظاهر المتضمن للوقوع وهو إما عطف على يقرض أو على * (فهو يضاعفه) * وقرىء فيضعفه بالرفع والنصب.
* (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) *.
* (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات) * ظرف لما تعلق به له أوله أو لقوله تعالى: * (فيضاعفه) * أو منصوب بإضمار اذكر تفخيما لذلك اليوم، والرؤية بصرية والخطاب لكل من تتأتى منه أو لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم، وقوله عز وجل: * (يسعى نورهم) * حال من مفعول ترى والمراد بالنور حقيقته على ما ظهر من شموس الأخبار - وإليه ذهب الجمهور - والمعنى يسعى نورهم إذا سعوا.
* (بين أيديهم وبأيمانهم) * أخرج ابن أبي شيبة. وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. والحاكم وصححه. وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قال: " يؤتون نورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة وأدناهم نورا من نوره على إبهامه يطفأ مرة ويقد أخرى " وظاهره أن هذا النور يكون عند المرور على الصراط، وقال بعضهم: يكون قبل ذلك ويستمر معهم إذا مروا على الصراط، وفي الأخبار ما يقتضيه كما ستسمعه قريبا إن شاء الله تعالى، والمراد أنه يكون لهم في جهتين جهة الإمام وجهة اليمين وخصا لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم، وفي " البحر " الظاهر أن النور قسمان: نور بين أيديهم يضيء الجهة التي يؤمونها. ونور بأيمانهم يضيء ما حوليهم من الجهات، وقال الجمهور: إن النور أصله بأيمانهم والذي بين أيديهم هو الضوء المنبسط من ذلك، وقيل: الباء بمعنى عن أي وعن أيمانهم والمعنى في جميع جهاتهم، وذكر الأيمان لشرفها انتهى، ويشهد لهذا المعنى