تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١١٥
وقال أبو حيان: إن الباء للتعدية والفعل مضمن معنى ما يعدي بها أي فيسحب بالنواصي الخ، وفيه بحث. وظاهر كلام غير واحد أن - أل - عوض عن المضاف إليه الضمير أي بنواصيهم وأقدامهم، ونص عليه أبو حيان فقال: - أل - فيهما عوض عن الضمير على مذهب الكوفيين، والضمير محذوف على مذهب البصريين أي بالنواصي والأقدام منهم، وأنت تعلم أن الخلاف بين أهل البلدين فيما إذا احتيج إلى الضمير للربط ولا احتياج إليه هنا، نعم المعنى على الضمير وكيفية هذا الأخذ على ما روي عن الضحاك أن يجمع الملك بين ناصية أحدهم وقدميه في سلسلة من وراء ظهره ثم بكسر ظهره ويلقيه في النار، وقيل: تأخذ الملائكة عليهم السلام بعضهم سحبا بالناصية وبعضهم سحبا بالقدم، وقيل: تسحبهم الملائكة عليهم السلام تارة بأخذ النواصي وتارة بأخذ الأقدام، قالوا بمعنى أو التي للتقسيم وهو خلاف الظاهر، وإبهام الفاعل لأنه كالمتعين، وقيل: للرمز إلى عظمته فقد أخرج ابن مردويه. والضياء المقدسي في صفة النار عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي نفسي بيده لقد خلقت ملائكة جهنم قبل أن تخلق جهنم بألف عام فهم كل يوم يزدادون قوة إلى قوتهم حتى يقبضوا على من قبضوا بالنواصي والإقدام.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) * يقال فيه نحو ما تقدم، وقوله تعالى:
* (ه‍اذه جهنم التى يكذب بها المجرمون) *.
* (ه‍اذه جهنم التي يكذب بها المجرمون) * مقول قول مقدر معطوف على قوله تعالى: * (يؤخذ) * الخ أي ويقال هذه الخ. أو مستأنف في جواب ماذا يقال لهم لأنه مظنة للتوبيخ والتقريع، أو حال من أصحاب النواصي بناءا على أن التقدير نواصيهم أو النواصي منهم، وما في البين اعتراض على الأول والأخير وكان أصل * (التي يكذب بها المجرمون) * التي كذبتم بها فعدل عنه لما ذكر للدلالة على استمرار ذلك وبيان لوجه توبيخهم وعلته.
* (يطوفون بينها وبين حميم ءان) *.
* (يطوفون بينها) * أي يترددون بين نارها * (وبين حميم) * ماء حار * (ءان) * متناه إناه وطبخه بالغ في الحرارة أقصاها، قال قتادة: الحميم يغلي منذ خلق الله تعالى جهنم والمجرم ويعاقب بين تصلية النار وشرب الحميم، وقيل: يحرقون في النار ويصب على رؤوسهم الحميم، وقيل: إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم الحميم، وقيل: يغمسون في واد في جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فتنخلع أوصالهم ثم يخرجون منه وقد أحدث الله تعالى لهم لخقا جديدا، وعن الحسن أنه قال: * (حميم آن) * النحاس انتهى حره، وقيل: * (آن) * حاضر.
وقرأ السلمي يطافون، والأعمش. وطلحة. وابن مقسم * (يطوفون) * بضم الياء وفتح الطاء وكسر الواو مشددة، وقرىء * (يطوفون) * أي يتطوفون.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالآء ربكما تكذبان) * هو أيضا كما تقدم.
* (ولمن خاف مقام ربه جنتان) *.
* (ولمن خاف مقام ربه) * الخ شروع في تعديد الآلاء التي تفاض في الآخرة، و * (مقام) * مصدر ميمي بمعنى القيام مضاف إلى الفاعل أي * (ولمن خاف) * قيام ربه وكونه مهيمنا عليه مراقبا له حافظا لأحواله، فالقيام هنا مثله في قوله تعالى: * (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) * (الرعد: 33) وهذا مروى عن مجاهد. وقتادة، أو هو اسم مكان، والمراد به مكان وقوف الخلق في يوم القيامة للحساب، والإضافة إليه تعالى لامية اختصاصية لأن الملك له عز وجل وحده فيه بحسب نفس الأمر، والظاهر والخلق قائمون له كما قال سبحانه: * (يقوم الناس لرب العالمين) * (المطففين: 6) منتظرون ما يحل عليهم من قبله جل شأنه، وزعم بعضهم أن الإضافة على هذا الوجه لأدنى ملابسة وليس بشيء، وقيل: المعنى * (ولمن خاف) * مقامه عند ربه على أن المقام مصدر أو اسم مكان وهو للخائف نفسه، وإضافته
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»