تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٤٢
أنا بني نهشل لا ندعى لاب * عنه ولا هو بالابناء يشرينا فيتعدى لواحد، والجار والمجرور جوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا من * (ولدا) * وأن يكون متعلقا بما عنده، وجملة * (ما ينبغي) * حال من فاعل * (دعوا) *، وقيل: من فاعل * (قالوا) *، * (وينبغي) * مضارع انبغى مطاوع بغي بمعنى طلب وقد سمع ماضيه فهو فعل متصرف في الجملة، وعده ابن مالك في التسهيل من الأفعال التي لا تتصرف وغلطه في ذلك أبو حيان، ويمكن أن يقال: مراده أنه لا يتصرف تاما، * (وأن يتخذ) * في تأويل مصدر فاعله، والمراد لا يليق به سبحانه اتخاذ الولد ولا يتطلب له عز وجل لاستحالة ذلك في نفسه لاقتضائه الجزئية أو المجانسة واستحالة كل ظاهرة، ووضع الرحمن موضع الضمير للإشعار بعلة الحكم بالتنبيه على أن كل ما سواه تعالى إما نعمة أو منعم عليه وأين ذلك ممن هو مبدأ النعم وموالي أصولها وفروعها.
وقد أشير إلى ذلك بقوله سبحانه:
* (إن كل من فى السم‍اوات والارض إلا آتى الرحم‍ان عبدا) * * (إن كل من في السموات والأرض) * أي ما منهم أحد من الملائكة والثقلين * (إلا ءاتى الرحم‍ان عبدا) * أي إلا وهو مملوك له تعالى يأوي إليه عز وجل بالعبودية والانقياد لقضائه وقدره سبحانه وتعالى فالاتيان معنوي، وقيل: هو حسي، والمراد إلا ءاتى محل حكمه وهو أرض المحشر منقادا لا يدعى لنفسه شيئا مما نسبوه إليه وليس بذاك كما لا يخفى، و * (من) * موصولة بمعنى الذي و * (كل) * تدخل عليه لأنه يراد منه الجنس كما قيل في قوله تعالى * (والذي جاء بالصدق) * وقوله: وكل الذي حملتني أتحمل وقيل: موصوفة لأنها وقعت بعد * (كل) * نكرة وقوعها بعد رب في قوله: رب من أنضجت غيظا صدره * قد تمنى لي موتا لم يطع ورجح في البحر الأول بأن مجيئها موصوفة بالنسبة إلى مجيئها موصولة قليل: وقرأ عبد الله. وابن الزبير وأبو حيوة. وطلحة. وأبو بحرية. وابن أبي عبلة. ويعقوب * (ءات) * بالتنوين * (الرحمن) * بالنصب على الأصل.
ونصب * (عبدا) * في القراءتين على الحال. واستدل بالآية على أن الوالد لا يملك ولده وأنه يعتق عليه إذا ملكه.
* (لقد أحص‍اهم وعدهم عدا) * * (لقد أحص‍ايهم) * حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يكاد يخرج أحد منهم من حيطة علمه وقبضة قدرته جل جلاله.
* (وعدهم عدا) * أي عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم فإن كل شيء عنده تعالى بمقدار.
* (وكلهم ءاتيه يوم القي‍امة فردا) * * (وكلهم ءاتيه يوم القي‍امة فردا) * أي منفردا من الأتباع والأنصار منقطعا إليه تعالى غاية الانقطاع محتاجا إلى إعانته ورحمته عز وجل فكيف يجانسه ويناسبه ليتخذه ولدا وليشرك به سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وقيل: أي كل واحد من أهل السموات والأرض العابدين والمعبودين آتيه عز وجل منفردا عن الآخر فينفرد العابدون عن الآلهة التي زعموا أنها أنصار أو شفعاء والمعبودون عن الأتباع الذين عبدوهم وذلك يقتضي عدم النفع وينتفي بذلك المجانسة لمن بيده ملكوت كل شيء تبارك وتعالى، وفي * (ءاتيه) * من الدلالة على إتيانهم كذلك البتة ما ليس في يأتيه فلذا اختير عليه وهو خبر * (كلهم) * وكل إذا أضيف إلى معرفة ملفوظ بها نحو كلهم أو كل الناس فالمنقول أنه يجوز عود الضمير عليه مفردا مراعاة للفظه فيقال كلكم ذاهب، ويجوز عوده عليه جمعا مراعاة لمعناه فيقال: كلكم ذاهبون.
وحكى إبراهيم بن أصبغ في كتاب رؤس المسائل الاتفاق على جواز الأمرين، وقال أبو زيد السهيلي: إن كلا إذا ابتدىء به وكان مضافا لفظا أي إلى معرفة لم يحسن إلا أفراد الخبر حملا على المعنى لأن معنى كلكم
(١٤٢)
مفاتيح البحث: الجواز (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»