تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٣١
على خطئه. وهذا مذهب الخليل. وسيبويه. والأخفش. والمبرد. وعامة البصريين في هذا الحرف وفيه مذاهب لعلنا نشير إليها إن شاء الله تعالى، وهذا أول موضع وقع فيه من القرآن، وقد تكرر في النصف الأخير فوقع في ثلاثة وثلاثين موضعا ولم يجوز أبو العباس الوقف عليه في موضع.
وقال الفراء: هو على أربعة أقسام، أحدها: ما يحسن الوقف عليه ويحسن الابتداء به. والثاني: ما يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء به، والثالث: ما يحسن الابتداء به ولا يحسن الوقف عليه، والرابع: ما لا يحسن فيه شيء من الأمرين، أما القسم الأول ففي عشرة مواضع ما نحن فيه وقوله تعالى: * (ليكونوا لهم عزا * كلا) * (مريم: 81، 82) وقوله سبحانه: * (لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا) * (المؤمنون: 100) وقوله عز وجل: * (الذين ألحقتم به شركاء كلا) * (سبأ: 27) وقوله تبارك وتعالى: * (أن يدخل جنة نعيم * كلا) * (المعارج: 38، 36) وقوله جل وعلا: * (أن أزيد * كلا) * (المدثر: 15، 16) وقوله عز اسمه: * (صحفا منشرة * كلا) * (المدثر: 52، 53) وقوله سبحانه وتعالى: * (ربي أهانن * كلا) * (الفجر: 16، 17) وقوله تبارك اسمه: * (أن ماله أخلده * كلا) * (الهمزة: 3، 4) وقوله تعالى شأنه: * (ثم ننجيه * كلا) * (المعارج: 14، 15) فمن جعله في هذه المواضع ردا لما قبله وقف عليه ومن جعله بمعنى ألا التي للتنبيه أو بمعنى حقا ابتدأ به وهو يحتمل ذلك فيها، وأما القسم الثاني ففي موضعين قوله جل جلاله حكاية * (فأخاف أن يقتلون * قال كلا) * (الشعراء: 14، 15) وقوله عز شأنه: * (إنا لمدركون * قال كلا) * (الشعراء: 61، 62) وأما الثالث ففي تسعة عشر موضعا قوله تعالى شأنه: * (كلا إنها تذكرة) * (المدثر: 54) * (كلا والقمر) * (المدثر: 32) * (كلا بل تكذبون بالدين) * (الانفطار: 9) * (كلا إذا بلغت التراقي) * (القيامة: 26) * (كلا لا وزر) * (القيامة: 11) * (كل بل تحبون العاجلة) * (القيامة: 20) * (كلا سيعلمون) * (النبأ: 4) * (كلا لما يقض ما أمره) * (عبس: 23) * (كلا بل ران على قلوبهم) * (المطففين: 14) * (كلا بل لا تكرمون اليتيم) * (الفجر: 17) * (كلا إن كتاب الفجار) * (المطففين: 7) * (كلا إن كتاب الأبرار) * (المطففين: 18) * (كلا إنهم عن ربهم) * (المطففين: 15) * (كلا إذا دكت الأرض) * (الفجر: 21) * (كلا إن الإنسان ليطغى) * (العلق: 6) * (كلا لئن لم ينته) * (العلق: 15) * (كلا لا تطعه) * (العلق: 19) * (كلا سوف تعلمون * كلا لو تعلمون) * (التكاثر: 4، 5) لأنه ليس للرد في ذلك، وأما القسم الرابع ففي موضعين * (ثم كلا سوف تعلمون) * (التكاثر: 4) * (ثم كلا سيعلمون) * (النبأ: 5) فإنه لا حسن الوقف على ثم لأنه حرف عطف ولا على كلا لأن الفائدة فيما بعد، وقال بعضهم: إنه يحسن الوقف على كلا في جميع القرآن لأنه بمعنى انته إلا في موضع واحد وهو قوله تعالى: * (كلا والقمر) * لأن موصول باليمين بمنزلة قولك أي وربي * (سنكتب ما يقول) * أي سنظهر إنا كتبنا قوله كقوله: إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة * ولم تجدي من أن تقري به بدا أي إذا انتسبنا علمت وتبين أني لست بابن لئيمة أو سننتقم منه انتقام من كتب جريمة الجاني وحفظها عليه فإن نفس كتبة ذلك لا تكاد تتأخر عن القول لقوله تعالى: * (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) * (ق: 18) وقوله سبحانه جل وعلا: * (ورسلنا لديهم يكتبون) * (الزخرف: 80) فمبنى الأول تنزيل إظهار الشيء الخفي منزلة إحداث الأمر المعدوم بجامع أن كلا منهما إخراج من الكمون إلى البروز فيكون استعارة تبعية مبنية على تشبيه إظهار الكتابة على رؤوس الأشهاد بإحداثها ومدار الثاني تسمية الشيء باسم سببه فإن كتبة جريمة المجرم سبب لعقوبته قطعا قاله أبو السعود، وقيل: إن الكتابة في المعنى الثاني استعارة للوعيد بالانتقام وفيه خفاء، وقال بعضهم: لا مجاز في الآية بيد أن السين للتأكيد، والمراد نكتب في الحال ورد بأن السين إذا أكدت فإنما تؤكد الوعد أو الوعيد وتفيع أنه كائن لا محالة في المستقبل. وأما إنها تؤكد ما يراد به الحال فلا كذا قيل: فليراجع.
وقرأ الأعمش * (سيكتب) * بالياء التحتية والبناء للمفعول والبناء للمفعول وذكرت عن عاصم * (ونمد له من العذاب مدا) * مكان ما يدعيه لنفسه من الإمداد بالمال والولد أي نطول له من العذاب ما يستحقه أو نزيد عذابه ونضاعفه
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»