أن الفطر من عوارض الجسم الصلب بناء على ما في " القاموس " من أن الصدع شق في شيء صلب.
وقرأ نافع. والكسائي. وأبوحيوة. والأعمش * (يكاد) * بالياء من تحت * (وتخر الجبال) * تسقط وتنهد * (هدا) * نصب على أنه مفعول طملق لتخر لأنه بمعنى تنهد كما أشرنا إلينا وإليه ذهب ابن النحاس. وجوز أن يكون مفعولا لا مطلقا لتنهد مقدرا. والجملة في موضع الحال، وقيل: هو مصدر بمعنى المفعول منصوب على الحال من هد المعتدى أي مهدودة. وجوز أن يكون مفعولا له أي لأنها تنهد على أنه م هد اللازم بمعنى انهدم ومجيئه لازما مما صرح به أبو حيان وهو إمام اللغة. والنحو فلا عبرة ممن أنكره، وحينئذ يكون الهد من فعل الجبال فيتحد فاعل المصدر والفعل المعلل به، وقيل: إنه ليس من فعلها لكنها إذا هدها أحد يحصل لها الهد فصح أن يكون مفعولا له، وفي الكلام تقرير لكون ذلك إدا والكيدودة فيه على ظاهرها من مقاربة اليء. وفسرها الأخفش هنا. وفي قوله تعالى: * (أكاد أخفيها) * (طه: 15) بالإرادة وأنشد شاهدا على ذلك قول الشاعر: كادت وكدت وتلك خير إرادة * لو عاد من زمن الصبابة ما مضى ولا حجة له فيه، والمعنى إن هول تلك الكلمة الشنعاء وعظمها بحيث لو تصور بصورة محسوسة لم تتحملها هذه الأجرام العظام وتفرقت أجزاؤها من شدتها أو أن حق تلك الكلمة لو فهمتها تلك الجمادات العظام أن تتفطر وتنشق وتخر من فظاعتها، وقيل: المعنى كادت القيامة أن تقوم فإن هذه الأشياء تكون حقيقة يوم القيامة، وقيل: الكلام كناية عن غضب الله تعالى على قائل تلك الكلمة وأنه لولا حلمه سبحانه وتعالى لوقع ذلك وهلك القائل وغيره أي كدت أفعل ذلك غضبا لولا حلمي.
وأخرج ابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إن الشكر فزعت منه السموات والأرض والجبال وجيمع الخلائق إلا الثقلين وكدن أن يزلن منه تعظيما لله تعالى وفيه إثبات فهم لتلك الأجرام والأجسام لائق بهن. وقد تقدم ما يتعلق بذلك. وفي " الدر المنثور " في الكلام على هذه الآية، أخرج أحمد في الزهد. وابن المبارك. وسعيد بن منصور. وابن أبي شيبة. وأبو الشيخ في العظمة وابن أبي حاتم. والطبراني. والبيهقي في شعب الايمان من طريق عون عن ابن مسعود قال: إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان هل مر بك اليوم أحد ذاكر لله تعالى فإذا قال: نعم استبشر قال عون: أفلا يسمعن الزور إذا قيل ولا يسمعن الخير هن للخير أسمع وقرأ * (وقالوا) * الآيات اه وهو ظاهر في الفهم.
وقال ابن المنير: يظهر لي في الآية معنى لم أره لغيري وذلك أن الله سبحانه وتعالى قد استعار لدلالة هذه الأجرام على وجوده عز وجل موصوفا بصفات الكمال الواجبة له سبحانه أن جعلها مسبحة بحمده قال تعالى: * (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده) * (الإسراء: 44) ومما دلت عليه السموات والأرض والجبال بل وكل ذرة من ذراتها أن الله تعالى مقدس عن نسبة الولد إليه: وفي كل شيء له آية * تدل على أنه واحد فالمعتقد نسبة الولد إليه عز وجل قد عطل دلالة هذه الموجودات على تنزيه الله تعالى وتقديسه فاستعير لإبطال ما فيها من روح الدلالة التي خلقت لأجلها إبطال صورها بالهد والانفطار والانشقاق اه.