تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٣٩
هي الإيضاح بعد الاجمال والواو على إعرابه وإن لم تكن عائدة على من إلا أنها كاشفة لمعناها كشف الضمير العائد لها ثم قال: فتنبه لهذا النقد فإنه أروج من النقد. وفي عنق الحسناء يستحسن العقد انتهى، ومنه يعلم القول بجواز رجوع الضمير لها أولا باعتبار معناها وثانيا باعتبار لفظها لا يخلو عن كدر.
* (وقالوا اتخذ الرحم‍ان ولدا) * * (وقالوا اتخذ الرحمان ولدا) * حكاية لجناية القائلين عزيز ابن الله. وعيسى ابن الله. والملائكة بنات الله من اليهود والنصارى والعرب تعالى شأنه عما يقولون علوا كبيرا إثر حكاية جناية من عبد ما عبد من دونه عز وجل بطريق عطف القصة على القصة فالضمير راجع لمن علمت وإن لم يذكر صريحا لظهور الأمر.
وقيل: راجع للمجرمين. وقيل: للكافرين. وقيل: للكافرين. وقيل: للضالمين. وقيل: للعباد المدلول عله بذكر الفريقين المتقين والمجرمين. وفيه إسناد ما للبعض إلى الكل مع أنهم لم يرضوه وقد تقدم البحث فيه. [بم وقوله تعالى:
* (لقد جئتم شيئا إدا) * * (لقد جئتم شيئا إدا) * رد لمقالتهم الباطلة وتهويل لأمرها بطريق الالتفات من الغيبة إلى الخطاب المنبىء عن كمال السخط وشدة الغضب المفصح عن غاية التشنيع والتقبيح وتسجيل عليهم بنهاية الوقاحة والجهل والجرأة، وقيل: لا التفات والكلام بتقدير قل لهم لقد جئتم الخ، والإد بكسر الهمزة كما في قراءة الجمهور وبفتحها كما قرأ السلمي العجب كما قال ابن خالويه. وقيل: العظيم المنكر والإدة لشدة وأدنى الأمر وآدنى اثقلني وعظم على. وقال الراغب: الاد المنكر فيه جلبة من قولهم: ادت الناقة تئد أي رجعت حنينها ترجيعا شديدا. وقيل: الاد بالفتح مصدر وبالكسر اسم أي فعلتم أمرا عجيبا أو منكرا شديدا لا يقادر قدره فإن جاء وأتى يستعملان بمعنى فعل فيتعديان تعديته. وقال الطبرسي: هو من باب الحذف والإيصال أي جئتم بشيء إد.
* (تكاد السم‍اوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا) * * (تكاد السم‍اوات يتفطرن منه) * في موضع الفة لادا أو استئناف لبيان عظم شأنه في الشدة والهول، والتفطر على ما ذكره الكثي التشقق مطلقا، وعلى ما يدل عليه كلام الراغب التشقق طولا حيث فسر الفطر وهو منه بالشق كذلك، وموارد الاستعمال تقتضي عدم التقييد بما ذكر. نعم قيل: إنها تقتضي أن يكون الفطر من عوارض الجسم الصلب فإنه يقال: إنا مفطور ولا يقال: ثوب مفطور بل مشقوق، وهو عندي في أعراف الرد والقبول وعليه يكون في نسبة التفطر إلى السموات والانشقاق إلى الأرض في قوله تعالى: * (وتنشق الأرض) * إشارة إلى أن السماء أصلب من الأرض، والتكثير الذي تدل عليه صيغة التفعل قيل في الفعل لأنه الأوفق بالمقام، وقيل: في متعلقه ورجح بأنه قد قرأ أبو عمرو. وابن عامر. وحمزة وأبو بكر عن عاصم. ويعقوب. وأبو بحرية. والزهري. وطلحة. وحميد. واليزيدي. وأبو عبيد * (ينفطرن) * مضارع انفطر وتوافق القراءتين يقتضي ذلك، وبأنه قد اختير الانفعال في تنشق الأرض حيث لا كثرة في المفعول ولذا أول * (ومن الأرض مثلهن) * (الطلاق: 12) بالأقاليم ونحوه كما سيأتي إن شاء الله تعالى. ووجهه بعضهم اختلاف الصيغة على القول بأن التكثير في الفعل بأن السموات لكونها مقدسة لم يعص الله تعالى فيها أصلا نوعا ما من العصيان لم يكن لها ألف ما بالمعصية ولا كاذلك الأرض فهي تتأثر من عظم المعصية ما لا تتأثر الأرض.
وقرأ ابن مسعود * (يتصدعن) * قال في " البحر ": وينبغي أن يجعل ذلك تفسيرا لا قراءة لمخالفته سواد المصحف المجمع عليه ولرواية الثقات عنه أنه قرأ كالجمهور انتهى. ولا يخفى عليك أن في ذلك كيفما كان تأييدا لمن ادعى
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»