تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٤٣
ذاهب مثلا كل واحد منكم ذاهب وليس ذلك مراعاة للفظ وإلا لجاز القوم ذاهب لأن كلا من كل والقوم اسم جمع مفرد اللفظ اه‍ وفي البحر يحتاج في إثبات كلكم ذاهبون بالجمع إلى نقل عن العرب. والزمخشري في تفسير هذه الآية استعمل الجمع وحسن الظن فيه أنه وجد ذلك في كلامهم، وإذا حذف المضاف إليه المعرفة فالمسموع من العرب الوجهان ولا كلام في ذلك.
* (إن الذين ءامنوا وعملوا الص‍الحات سيجعل لهم الرحم‍ان ودا) * * (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحم‍ان ودا) * أي مودة في القلوب لايمانهم وعملهم الصالح، والمشهور أن ذلك الجعل في الدنيا. فقد أخرج البخاري. ومسلم. والترمذي. وعبد بن حميد. وغيرهم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أحب الله تعالى عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في الأرض فذلك قول الله تعالى: * (إن الذين آمنوا) * الآية " والتعرض لعنوان الرحمانية لما أن الموعود من آثارها، والسين لأن السورة مكية وكانوا ممقوتين حينئذ بين الكفرة فوعدهم سبحانه ذلك، ثم نجزه حين كثر الإسلام وقوى بعد الهجرة، وذكر أن الآية نزلت في المهاجرين إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وعد سبحانه أن يجعل لهم محبة في قلب النجاشي.
وأخرج ابن جرير. وابن المنذر. وابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف أنه لما هاجر إلى المدينة وجد في نفسه على فراق أصحاب بمكة منهم شيبة بن ربيعة. وعقبه بن ربيعة. وأمية بن خلف فأنزل الله تعالى هذه الآية. وعلى هذا تكون الآية مدنية، وأخرج ابن مردويه. والديلمي عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله تعالى وجهه: قل اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين ودا فأنزل الله سبحانه هذه الآية، وكان محمد بن الحنفية رضي الله تعالى عنه يقول: لا تجد مؤمنا إلا وهو يحب عليا كرم الله تعالى وجهه وأهل بيته.
وروى الإمامية خبر نزولها في علي كرم الله تعالى وجهه عن ابن عباس. والباقر. وأيدوا ذلك بما صح عندهم أنه كرم الله تعالى وجهه قال: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ولو صببت الدنيا بجملتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني ما أحبني وذلك أنه قضى فانقضي على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق " والمراد المحبة الشرعية التي لا غلو فيه، وزعم بعض النصارى حبه كرم الله تعالى وجهه، فقد أنشد الإمام اللغوي رضي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الشاطبي لابن إسحق النصراني الرسغني: عدي وتيم لا أحاول ذكرهم * بسوء ولكني محب لهاشم وما تعتريني في علي ورهطه * إذا ذكروا في الله لومة لائم يقولون ما بال النصارى تحبهم * وأهل النهي من أعرب وأعاجم فقلت لهم إني لأحسب حبهم * سرى في قلوب الخلق حتى البهائم وأنت تعلم أنه إذا صح الحديث ثبت كذبك، وأظن أن نسبة هذه الأبيات للنصراني لا أصل لها وهي من أبيات الشيعة بيت الكذب، وكم لهم مثل هذه المكايد كما بين في التحفة الإثني عشرية، والظاهر أن الآية على هذا مدنية أيضا. ثم العبرة على سائر الروايات في سبب النزول بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وذهب الجبائي إلى أن ذلك في الآخرة فقيل في الجنة إذ يكونون إخوانا على سرر متقابلين، وقيل:
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»