تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٣٧
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون " والحديث.
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعين ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي " وأخرج الإمام أحمد. والبزار. والطبراني عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: هلا استزدته؟ قال قد استزدته فأعطاني هكذا وفرج بين يديه وبسط باعيه وحثى " قال هشام: هذا من الله عز وجل لا يدري ما عدده؛ وأخرج الطبراني. والبيهقي عن عمرو بن حزم الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: " احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا لا يخرج إلا إلى صلاة مكتوبة ثم يرجع فلما كان اليوم الرابع خرج إلينا صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله احتبست عنا حتى ظننا أنه حدث حدث قال: لم يحدث الأخير إن ربي وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا لا حساب وإني سألت ربي في هذه الثلاث أيام المزيد فوجدت ربي ماجدا كريما فأعطاني مع كل واحد سبعين ألفا " الخبر إلى غير ذلك من الأخبار وفي بعضها ذكر من يدخل الجنة بغير حساب بوصفه كالحامدين الله تعالى شأنه في السراء والضراء وكالذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع وكالذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله تعالى وكالذي يموت في طريق مكة ذاهبا أو راجعا وكطالب العلم والمرأة المطيعة لزوجها والولد البار بوالديه وكالرحيم الصبور وغير ذلك، ووجه الجمع بين الأخبار ظاهر ويلزم. على تخصيص المتقين بالموصوفين بالتقوى الكاملة دخول عصاة المؤمنين في المجرمين أو عدم احتمال الآية على بيان حالهم، واستدل بعضهم بالآية على ما روى من الخبر على عدم إحضار المتقين جثيا حول جهنم فما يدل على العموم مخصص بمثل ذلك فتأمل والله تعالى الموفق، ونصب * (يوم) * على الظرفية بفعل محذوف مؤخر أي يوم نحر ونسوق نفعل بالفريقين من الأفعال ما لا يحيط ببيانه نطاق المقال، وقيل: على المفعولية بمحذوف مقدم خوطب به سيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم أي اذكر لهم بطريق الترغيب والترهيب يوم نحشر الخ، وقيل: على الظرفية بنعد باعتبار معنى المجازاة، وقيل: بقوله سبحانه وتعالى: * (سيكفرون بعبادتهم) * (مريم: 82).
وقيل بقوله جل وعلا * (يكونون عليهم ضدا) *، وقيل: بقوله تعالى شأنه:
* (لا يملكون الشف‍اعة إلا من اتخذ عند الرحم‍ان عهدا) * * (لا يملكون الشفاعة) * والذي يقتضيه مقام التهويل وتستدعيه جزالة التنزيل أن ينتصب بأحد الوجهين الأولين ويكون هذا استئنافا مبينا لبعض ما في ذلك اليوم من الأمور الدالة على هوله، وضمير الجمع لما يعم المتقين والمجرمين أي العباد مطلقا وقيل: للمتقين، وقيل: للمجرمين من أهل الايمان وأهل الكفر * (والشفاعة) *، على الأولين مصدر المبنى للفاعل وعلى الثالث ينبغي أن يكون مصدر المبني للمفعول.
وقوله تعالى: * (إلا من اتخذ عند الرحم‍ان عهدا) * استثناء متصل من الضمير على الأول ومحل المستثنى إما الرفع على البدل أو النصب على أصل الاستثناء، والمعنى لا يملك العباد أن يشفعوا لغيرهم إلا من اتصف منهم بما يستأهل معه أن يشفع وهو المراد بالعهد، وفسره ابن عباس بشهادة أن لا إله إلا الله والتبري من الحول والقوة عدم رجاء أحد إلا الله تعالى، وأخرج ابن أبي شيبة. وابن أبي حاتم. والطبراني. وابن مردويه.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»