عنه فذكرت له فقال: وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يبق بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه السلام حتى أن للنار ضجيجا من بردهم ثم ينجى الله تعالى الذين اتقوا، وقد ذكر الإمام الرازي لهذا الدخول عدة فوائد في " تفسيره " فليراجع.
وأخرج عبد بن حميد. وابن الأنباري. والبيهقي عن الحسن الورود المرور عليها من عير دخول، وروى ذلك أيضا عن قتادة وذلك بالمرور على الصراط الموضوع على متنها على ما رواه جماعة عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، ويمر المؤمن ولا يشعر بها بناء على ما أخرج ابن أبي شيبة. وعبد بن حميد. والحكيم. وغيرهم عن خالد بن معدان قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا: ربنا ألم تعدنا أن نرد النار قال: بلى ولكنكم مررتم عليها وهي خامدة، ولا ينافي هذا ما أخرجه الترمذي. والطبراني. وغيرهما عن يعلى ابن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تقول النار للمؤمن: يوم القيامة جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي لجواز أن لا يكون متذكراهذا القول عند السؤال أو لم يكن سمعه لاشتغاله، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد أنه قال في الآية: ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهريها وورود المشركين أن لا يدخلوها، ولا بد على هذا من ارتكاب عموم المجاز عند من لا يرى جواز استعمال اللفظ في معنيين، وعن مجاهد أن ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: " الحمى من فيح جهنم " ولا يخى خفاء الاستدلال به على المطلوب.
واستدل بعضهم على ذلك بما أخرجه ابن جرير عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلا من أصحابه وعكا وأنه معه فقال عليه الصلاة والسلام: " إن الله تعالى يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة وفيه خفاء أيضا "؛ والحق أنه لا دلالة فيه على عدم ورود المؤمن المحموم في الدنيا النار في الآخرة، وقصارى ما يدل عليه أنه يحفظ من ألم النار يوم القيامة، وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير أن الورود الحضور والقرب كما في قوله تعالى: * (ولما ورد ماء مدين) * واختار بعضهم أن المراد حضورهم جاثين حواليها، واستدل عليه بما ستعلمه إن شاء الله تعالى، ولا منافاة بين هذه الآية وقوله تعالى: * (أولئك عنها مبعدون) * لأن المراد مبعدون عن عذابها، وقيل: المراد إبعادهم عنها بعد أن يكونوا قريبا منها * (كان) * أي ورودهم إياها * (على ربك حتما) * أمرا واجبا كما روى عن ابن عباس، والمراد بمنزلة الواجب في تحتم الوقوع إذ لا يجب على الله تعالى شيء عند أهل السنة * (مقضيا) * قضى بوقوعه البتة.
وأخرج الخطيب عن عكرمة أن معنى كان حتما مقضيا كان قسما واجبا، وروى ذلك أيضا عن ابن مسعود. والحسن. وقتادة، قيل: والمراد منه إنشاء القسم، وقيل: قد يقال: إن * (على ربك) * المقصود منه اليمين كما تقول: لله تعالى على كذا إذ لا معنى له إلا تأكد اللزوم والقسم لا يذكر إلا لمثله، وعلى ورد في كلامهم كثيرا للقسم كقوله:
على إذا ما جئت ليلى أزورها * زيارة بيت الله رجلان حافيا فإن صيعة النذر قد يراد بها اليمين كما صرحوا به، ويجوز أن يكون المراد بهذه الجملة القسم كقولهم: عزمت عليك إلا فعلت كذا انتهى، ويعلم مما ذكر المراد من القسم فيما أخرجه البخاري. ومسلم. والترمذي. والنسائي. وابن ماجه. وغيرهم عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يموت لمسلم ثلاثة من