النصب و * (أشد) * خبر مبتدأ محذوف أي هو أشد والجملة صلة والعائد المبتدأ * (وعلى الرحمن) * متعلق بأشد * (وعتيا) * تمييز محول عن المبتدأ، ومن زعم أنه جمع جعله حالا، وجوز في الجار أن يكون للبيان فهو متعلق بمحذوف كما في سقيالك، ويجوز بعتيا، أما إن كان وصفا فبالاتفاق، وأما إذا كان مصدرا فعند القائل بجواز تقدم معمول المصدر لا سيما إذا كان ظرفا، وكذا الكلام في * (بها) * من قوله تعالى: * (هم أولى بها صليا) * فإنه جوز أن يكون الجار للبيان وأن يكون متعلقا بأولى وأن يكون متعلقا بصليا، وقد قرىء بالضم والكسر، وجوز فيه المصدرية والوصفية، وهو على الوصفية حال وعلى المصدرية تمييز على طرز ما قيل في * (عتيا) * إلا أنه جوز فيه أن يكون تمييزا عن النسبة بين * (أولى) * والمجرور وقد أشير إلى ذلك فيما مر.
والصلى من صلى النار كرضى وبها قاسى حرها، وقال الراغب: يقال صلى بالنار وبكذا أي بلى به، وعن الكلبي أنه فسر الصلى بالدخول، وعن ابن جريج أنه فسره بالخلود، وليس كل من المعنيين بحقيقي له كما لا يخفى، ثم ما ذكر من بناء - أي - هنا هو مذهب سيبويه، وكان حقها أن تبنى في كل موضع كسائر الموصولات لشبهها الحرف بافتقارها لما بعدها من الصلة لكنها لما لزمت الإضافة إلى المفرد لفظا أو تقديرا وهي من خواص الأسماء بعد الشبه فرجعت إلى الأصل في الأسماء وهو الأعراب ولأنها إذا أضيفت إلى نكرة كانت بمعنى كل وإذا أضيفت إلى معرفة كانت بمعنى بعض فحملت في الإعراب على ما هي بمعناه وعادت هنا عنده إلى ما هو حق الموصول وهو البناء لأنه لما حذف صدر صلتها إزداد نقصها المعنوي وهو الإبهام والافتقار للصلة بنقص الصلة التي هي كجزئها فقويت مشابهتها للحرف، ولم يرتض كثير من العلماء ما ذهب إليه.
قال أبو عمرو الجرمي: خرجت من البصرة فلم أسمع منذ فارقت الخندق إلى مكة أحدا يقول: لأضربن أيهم قائم بالضم، وقال أبو جعفر: النحاس ما علمت أحدا من النحويين إلا وقد خطأ سيبويه في هذه المسألة.
وقال الزجاج: ما تبين أن سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين هذا أحدهما فإنه يقول باعراب أي إذا أفردت عن الإضافة فكيف يبنيها إذا أضيفت. وقد تكلف شيخنا علاء الدين أعلا الله تعالى مقامه في عليين للذب عن سيبويه في ذلك بما لا يفي بمؤنة نقله، وقد ذكرنا بعضا منه في حواشينا على شرح القطر للمصنف.
نعم يؤيد ما ذهب إليه سيبويه من المفعولية قراءة طلحة بن مصرف. ومعاذ بن مسلم الهراء أستاذ الفراء. وزائدة عن الأعمش * (أيهم) * بالنصب لكنها ترد ما نقل عنه من تحتم البناء إذا أضيفت وحذف صدر صلتها، وينبغي إذا كان واقفا على هذه القراءة أن يقول بجواز الأمرين فيها حينئذ، وقال الخليل: مفعول * (ننزعن) * موصول محذوف وأي هنا استفهامية مبتدأ وأشد خبره والجملة محكية بقول وقع صلة للموصول المحذوف أي لننزعن الذين يقال فيهم: أيهم أشد، وتعقب بأنه لا معنى لجعل * (النزع) * لمن يسأل عنه بهذا الاستفهام، وأجيب بأن ذلك مجاز عن تقارب أحوالهم وتشابهها في العتو حتى يستحق أن يسأل عنها أو المراد الذين يجاب بهم عن هذا السؤال، وحاصله لننزعن الأشد عتيا وهو مع تكلفه فيه حذف الموصول مع بعض الصلة وهو تكلف على تكلف ومثله لا ينقاس، نعم مثله في الحذف على ماقيل قول الشاعر: ولقد أبيت من الفتاة بمنزل * فأبيت لا حرج ولا محروم وذهب الكسائي. والفراء إلى ما قاله الخليل إلا أنهما جعلا الجملة في حل نصب بننزعن، والمراد لننزعن من يقع في جواب هذا السؤال، والفعل معلق بالاستفهام، وساغ تعليقه عندهما لأن المعنى لننادين وهما