تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٢١
يريان تعليق النداء وإن لم يكن من أفعال القلوب وإلى ذلك ذهب المهدوي، وقيل: لما كان النزع متضمنا معنى الإفراز والتمييز وهو مما يلزمه العلم عومل معاملة العلم فساغ تعليقه. ويونس لا يرى التعليق مختصا بصنف من الأفعال بل سائر أصناف سواء في صحة التعليق عنده، وقيل: الجملة الاستفهامية استئنافية والفعل واقع على * (كل شيعة) * على زيادة من في الاثبات كما يراه الأخفش أو على معنى لننزعن بعض كل شيعة بجعل * (من) * مفعولا لتأويلها باسم، ثم إذا كان الاستئناف بيانيا واقعا في جواب من المنزوعون؟ احتيج إلى التأويل كأن يقال: المراد الذين يقعون في جواب أيهم أشد أو نحو ذلك، وإذا كانت أي على تقدير الاستئناف ووقوع الفعل على ما ذكر موصولة لم يحتج إلى التأويل إلى أن في القول بالاستئناف عدولا عن الظاهر من كون الكلام جملة واحدة إلى خلاف الظاهر من كونه جملتين.
ونقل بعضهم عن المبرد أن * (أيهم) * فاعل * (شيعة) * لأن معناه يشيع، والتقدير لننزعن من كل فريق يشيع أيهم هو أشد، وأي على هذا على ما قال أبو البقاء. ونقل عن الرضي بمعنى الذي، وفي " البحر " قال المبرد: أيهم متعلق بشيعة فلذلك ارتفع، والمعنى من الذي تشايعوا أيهم أشد كأنهم يتبادرون إلى هذا. ويلزمه أن يقدر مفعولا لننزعن محذوفا، وقدر أيضا في هذا المذهب من الذين تشايعوا أيهم أشد على معنى من الذين تعاونوا فنظروا أيهم أشد، قال النحاس: وهذا قول حسن انتهى، وهو خلاف ما نقل أولا، ولعمري أن ما نسب إلى المبرد أولا وأخيرا أبرد من يخ، وقيل: إن الجملة استفهامية وقعت صفة لشيعة على معنى لننزعن من كل شيعة مقول فيهم أيهم أشد أي من كل شيعة متقاربي الأحوال، ومن مزيدة والنزع الرمي، وحكى أبو بكر بن شقير أن بعض الكوفيين يقول في أيهم معنى الشرط تقول: ضربت القوم أيهم غضب، والمعنى إن غضبوا أو لم يغضبوا قال أبو حيان: فعلى هذا يكون التقدير هنا إن اشتد عتوهم أو لم يشتد انتهى وهو كما ترى، والوجه الذي ينساق إليه الذهن ويساعده اللفظ والمعنى هو ما ذهب إليه سيبويه ومدار ما ذهب إليه في أي من الأعراب والبناء هو السماع في الحقيقة، وتعليلات النحويين على ما فيها إنما هي بعد الوقوع، وعدم سماع غيره لا يقدح في سماعه فتدبر.
* (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) * * (وإن منكم) * التفات إلى خطاب الإنسان سواء أريد منه العموم أو خصوص الكفرة لإظهار مزيد الاعتناء بمضمون الكلام. وقيل: هو خطاب للناس وابتداء كلام منه عز وجل بعدما أتم الغرض من الأول فلا التفات أصلا. ولعله الأسبق إلى الذهن لكن قيل يؤيد الأول قراءة ابن عباس. وعكرمة. وجماعة * (وإن منهم) * أي وما منكم أحد * (إلا واردها) * أي داخلها كما ذهب إلى ذلك جمع كثير من سلف المفسرين وأهل السنة، وعلى ذلك قول تعالى: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) * (الأنبياء: 98). وقوله تعالى في فرعون: * (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود) * (هود: 98).
واحتج ابن عباس بما ذكر على ابن الأزرق حين أنكر عليه تفسير الورود بالدخور وهو جحار على تقدير عموم الخطاب أيضا فيدخلها المؤمن إلا أنها لا تضره على ما قيل، فقد أخرج أحمد. والحكيم الترمذي. وابن المنذر. والحاكم وصححه. وجماعة عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن. وقال آخر: يدخلونها جميعا ثم ينجى الله تعالى الذين اتقوا فلقيت جابر بن عبد الله رضي الله تعالى
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»