حتى يعد الفعل كأنه صدر عن الجميع فقد تكون الرضا وقد تكون المظاهرة وقد تكون عدم الغوث والمدد ولذا أوجب الشرع القسامة والدية وقد تكون غير ذلك، وكأن النكتة هنا انه لما وقع بينهم إعلان قول لا ينبغي أن يقال مثله وإذا قيل لا ينبغي أن يترك قائله بدون منه أوقتل جعل ذلك بمنزلة الرضا حثا لهم على إنكاره قولا أو فعلا انتهى.
وقيل: لعل الحق أن الإسناد إلى الكل هنا للإشارة إلى قلة المؤمنين بالبعث على الوجه الذي أخبر به الصادق وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين فتأمل، وعبر بالمضارع إما استحضار للصورة الماضية لنوع غرابة، وإما لإفادة الاستمرار التجددي فإن هذا القول لا يزال يتجدد حتى ينفخ في الصور، والهمزة للإنكار وإذا ظرف متعلق بفعل محذوف دل عليه * (أخرج) * ولم يجوزوا تعلقه بالمذكور لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبله، وعد ابن عطية توسط سوف مانعا من العمل أيضا، ورد عليه بقوله: فلما رأته آمنا هان وجدها * وقالت أبونا هكذا سوف يفعل وغير ذلك مما سمع، ونقل عن الرضى أنه جعل إذا هنا شرطية وجعل عاملها الجزاء وقال: إن كلمة الشرط تدل على لزوم الجزاء للشرط، ولتحصيل هذا الغرض عمل في إذا جزاؤه مع كونه بعد حرف لا يعمل ما بعده فيما قبله كالفاء في * (فسبح) * وإن في قولك: إذا جئتني فإني مكرم ولام الابتداء في قوله تعالى: * (أئذا ما مت لسوف أخرج حيا) *، ومختار الأكثرين أن إذا هنا طرفية، وما ذكره الرضى ليس بمتفق عليه، وتحقيق ذلك في كتب العربية، وفي الكلام معطوف محذوف لقيام القرينة عليه أي ائذا ما مت وصرت رميما لسوف الخ.
واللام هنا لمجرد التوكيد، ولذا ساغ اقترانها بحرف الاستقبال، وهذا على القول بأنه إذا دخلت المضارع خلصته للحال، وأما على القول بأنها لا تخلصه فلا حاجة إلى دعوى تجريدها للتوكيد لكن الأول هو المشهور وما في * (إذا ما) * للتوكيد أيضا. والمراد من الإخراج الإخراج من الأرض أو من حال الفناء والخروج على الأول حقيقة وعلى الثاني مجاز عن الانتقال من حال إلى أخرى، وإيلاء الظرف همزة الإنكار دون الإخراج لأن ذلك الإخراج ليس بمنكر مطلقا وإنما المنكر كونه وقت اجتماع الأمرين فقدم الظرف لأنه محل الإنكار، والأصل في المنكر أن يلي الهمزة، ويجوز أن يكون المراد إنكار وقت ذلك بعينه أي إنكار مجيء وقت فيه حياة بعد الموت يعني أن هذا الوقت لا يكون موجودا وهو أبلغ من إنكار الحياة بعد الموت لما أنه يفيد إنكاره بطريق برهاني، وبعضهم لم يقدر معطوفا واعتبر زمان الموت ممتدا لا أول زهوق الروح كما هو المتبادر، وقيل: لا حاجة إلى جميع ذلك لأنهم إذا أحالوه في حالة الموت علم احالته إذا كانوا رفاتا بالطريق الأولى، وأيا ما كان فلا اشكال في الآية.
وقرأ جماعة منهم ابن ذكوان بخلاف عنه * (إذا) * بدون همزة الاستفهام وهي مقدرة معه لدلالة المعنى على ذلك، وقيل: لا تقدير والمراد الأخبار على سبيل الهزء والسخرية بمن يقول ذلك. وقرأ طلحة بن مصرف * (سأخرج) * بسين الاستقبال وبغير لام، وعلى ذلك تكون إذا متعلقة بالفعل المذكور على الصحيح، وفي رواية أخرى عنه * (لسأخرج) * بالسين واللام. وقرأ الحسن. وأبو حيوة * (أخرج) * مبنيا للفاعل.
* (أولا يذكر إلإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) * * (أو لا يذكر الانسان) * من الذكر الذي يراد به التفكر، والأظهار في موضع الاضمار لزيادة التقرير والإشعار بأن الإنسانية من دواعي التفكر