* (أهلكنا) *، وقدمت لصدارتها، وقيل: استفهامية والأول هو الظاهر و * (من قرن) * بيان لإبهامها. والقرن أهل كل عصر، وقد اختلف في مدته وهو من قرن الدابة سمي به لنقدمه، ومنه قرن الشمس لأول ما يطلع منها. و * (هم أحسن) * في حيز النصب على ما ذهب إليه الزمخشري وتبعه أبو البقاء صفة لكم ورده أبو حيان بأنه قد صرح الأصحاب بأن كم سواء كان خبرية أو استفهامية لا توصف ولا يوصف بها، وجعله صفة * (قرن) * وضمير الجمع لاشتمال القرن على أفراد كثيرة ولو أفرد الضمير لكان عربيا أيضا. ولا يرد عليه كما قال الخفاجي: كمن من رجل قام وكم من قرية هلكت بناء على أن الجار والمجرور يتعين تعلقه بمحذوف هو صفة لكم كما ادعى بعضهم أن الرضى أشار إليه لأنه يجوز في الجار والمجرور أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف والجملة مفسرة لا محل لها من الإعراب فما ادعى غير مسلم عنده، و * (أثاثا) * تمييز وهو متاع البيت من الفرش والثياب وغيرها واحدها أثاثة، وقيل: لا واحد لها وقيل: الأثاث ماجد من المتاع والخرثي ما قدم وبلى، وأنشد الحسن بن علي الطوسي: تقادم العهد من أم الوليد بنا * دهرا وصار أثاث البيت خريثا والرئى المنظر كما قال ابن عباس. وغيره، وهو فعل بمعنى مفعول من الرؤية كالطحن والسقي. وقرأ الزهري. وأبو جعفر. وشيبة. وطلحة في رواية الهمداني. وأيوب. وابن سعدان. وابن ذكوان. وقالون * (ريا) * بتشديد الياء من غير همز فاحتمل أن يكون من ذلك على قلب الهمزة ياء وإدغامها. واحتمل أن يكون من الري ضد العطش والمراد به النضارة والحسن. وقرأ أبو بكر في رواية الأعمش * (ريئا) * بياء ساكنة بعدها همزة وهو على القلب ووزنه فلعا، وقرىء * (رياء) * بيداء بعدها ألف بعدها همزة حكاها اليزيدي. ومعناها كما في " الدر المصون " مراءاة بعضهم بعضا.
وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما * (ريا) * بحذف الهمزة والقصر فتجاسر بعض الناس وقال: هي لحز، وليس كذلك بل خرجت على وجهين أحدهما أن يكون الأصل * (ريا) * بتشديد الياء فخفف بحذف إحدى الياءين وهي الثانية لأنها التي حصل بها الثقل ولأن الآخر محل التغيير وذلك كما حذفت في لا سيما. والثاني أن يكون الأصل * (ريئا) * بياء ساكنة بعدها همزة فنقلت حركة الهمزة إلى الياء ثم حذفت على القاعدة المعروفة.
وقرأ ابن عباس أيضا. وابن جبير. ويزيد البربري. والأعصم المكي * (زيا) * بالزاي وتشديد الياء وهو المحاسن المجموعة يقال: زواه زيا بالفتح أي جمعه، ويراد منه الأثاث أيضا كما ذكره المبرد في قول الثقفي: أشاقتك الظعائن يوم بانوا * بذي الزي الجميل من الأثاث والظاهر في الآية المعنى الأولى.
* (قل من كان فى الضلالة فليمدد له الرحمان مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا) * * (قل من كان في الضلالة) * الخ أمر منه تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يجيب هؤلاء المفتخرين بما لهم من الحظوظ الدنيوية على المؤمنين ببيان مآل أمر الفريقين إما على وجه كلي متناول لهم ولغيرهم من المنهمكين في اللذة الفانية المبتهجين بها على أن من على عممها، وإما على وجه خاص بهم على أنها عبارة عنهم. ووصفهم بالتمكن في الضلالة لذمهم والاشعار بعلة الحكم أي من كان مستقرا في الضلالة مغمورا بالجهل والغفلة عن عواقب الأمور * (فليمدد له الرحمان مدا) * أي يمد سبحانه له ويمهله بطول العمر وإعطاء المال والتمكن من التصرفات فالطلب في معنى الخبر، واختير للإيذان بأن ذلك مما ينبغي أن يفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير كما ينبىء عنه قوله تعالى: * (أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر) * (فاطر: 37) فيكون حاصل