تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١١٦
معنى الثبات للعبادة فيما تورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمبارز: اصطبر لقرنك أي أثبت له فيما يورد عليك من شداته، وفيه إشارة إلى ما يكابد من المجاهدة وأن المستقيم من ثبت لذلك ولم يتزلزل وشمة من معنى رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
* (هل تعلم له سميا) * أي مثلا كما جاء في رواية جماعة عن ابن عباس. ومجاهد. وابن جبير. وقتادة وأصله الشريك في الاسم، وإطلاقه على ذلك لأن الشركة في الاسم تقتضي المماثلة، وقال ابن عطية: السمى على هذا بمعنى المسامى والمضاهي، وأبقاه بعضهم على الأصل، واستظهر أن يراد ههنا الشريك في اسم خاص قد عبر عنه تعالى بذلك وهو رب السموات والأرض، وقيل: المراد هو الشريك في الاسم الجليل فإن المشركين مع غلوهم في المكابرة لم يسموا الصنم بالجلالة أصلا، وقيل: المراد هو الشريك فيما يختص به تعالى كالاسم الجليل والرحمن، ونقل ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضا؛ وقيل: هو الشريك في اسم الاله، والمراد بالتسمية التسمية على الحق وأما التسمية على الباطل فهي كلا تسمية، وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن ذلك قال: السمى الولد وأنشد له قول الشاعر: أما السمى فأنت منه مكثر * والمال مال يغتدي ويروح وروي ذلك أيضا عن الضحاك، وأيا ما كان فالمراد بإنكار العلم ونفيه إنكار المعلوم ونفيه على أبلغ وجه وآكده، والجملة تقرير لوجوب عبادته عز وجل وإن اختلف الاعتبار حسب اختلاف الأقوال فتدبر.
وقرأ الاخوان. وهشام. وعلي بن نصر. وهارون كلاهما عن أبي عمرو. والحسن. والأعمش والأعمش وعيسى. وابن محيصن * (هتعلم) * بادغام اللام في التاء وهو على ما قال أبو عبيدة لغة كالإظهار وأنشدوا لذلك قول مزاحم العقيلي: فذرذا ولكن هتعين متيما * على ضوء برق آخر الليل ناصب * (ويقول الإنس‍ان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا) * * (ويقول الانسان إذا ما مت لسوف أخرج حيا) * أخرج ابن النذر عن ابن جريج أنها نزلت في العاصي بن وائل، عطاء عن ابن عباس أنها نزلت في الوليد بن المغيرة، وقيل: في أبي جهل، وعن الكلبي في أبي بن خلف أخذ عظاما باليا فجعل يفته بيده ويذريه في الريح ويقول: زعم فلان أنا نبعث بعد أن نموت ونكون مثل هذا إن هذا شيء لا يكون أبدا فأل في * (الإنسان) * على ما قيل للعهد والمراد به أحد هؤلاء الأشحاص، وقيل: المراد بالإنسان جماعة معينون وهم الكفرة المنكرون للبعث.
وقال غير واحد: يجوز أن تكون أل للجنس ويكون هناك مجاز في الطرف بأن يطلق جنى الإنسان ويراد بعض أفراده كما يطلق الكل على بعض أجزائه أو يكون هناك مجاز في الإسناد بأن يسند إلى الكل ما صدر عن البعض كما يقال: بنو فلان قتلوا قتيلا والقاتل واحد منهم، ومن ذلك قوله: فسيف بني عبس وقد ضربوا * نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد واعترض هذا بأنه يشترط لصحة ذلك الإسناد رضا الباقين بالفعل أو مساعدتهم عليه حتى يعد كأنه صدر منهم، ولا شك أن بقية أفراد الإنسان من المؤمنين لم يرضوا بهذا القول. وأجاب بعض مشترطي ذلك للصحة بأن الإنكار مركوز في طبائع الكل قبل النظر في الدليل فالرضا حاصل بالنظر إلى الطبع والجبلة.
وقال الخفاجي: الحق عدم اشتراط ذلك لصحته وإنما يشترط لحسنه نكتة يقتضيها مقام الكلام
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»